وقوله تعالى : (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ)(١) [ولا بدّ له (١)] أي للمجاز العقليّ [من قرينة (٢)] صارفة عن إرادة ظاهره (٣) ، لأنّ المتبادر (٤) إلى الفهم عند انتفاء القرينة هو الحقيقة [لفظيّة (٥) كما مرّ] في قول أبي النّجم من قوله : أفناه قيل الله (٦).
______________________________________________________
جار» ليت الماء جار في النّهر ، لأنّه الّذي يتمنّى جريه لا النهر لكن أسند الجري المتمنّى إلى النّهر مجازا لملابسته للماء بالمحليّة ، وأصل (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ) كان أيأمرك ربّك بسبب صلاتك ، أي بسبب تلبّسك بها وملابستك إيّاها ، والمجاز في إسناد «جار» وإسناد (تأمر) إلى ضمير الصّلاة.
(١) إنّما تعرّض لوجوب اقتران المجاز العقليّ بالقرينة مع أنّه مستفاد من قوله : «بتأوّل» توطئة لتقسيمها إلى لفظيّة ومعنويّة ، فقوله : «ولا بدّ ...» بمنزلة البيان لقوله : «بتأوّل» فكان ينبغي عليه أن يقدّم هذا الحكم على التّقسيم المذكور وبيان وقوعه في القرآن ، وعدم اختصاصه. وبعبارة أخرى كان المناسب أن يذكر هذا الحكم متّصلا بما يتعلّق به ، ولا يفصل بينهما ببيان الأقسام وما بعده من الأحكام.
(٢) قوله : «قرينة» فعيلة بمعنى مفعولة ، أي مقرونة أو بمعنى فاعلة أي مقارنة.
(٣) أي يكفي في وجود القرينة مجرّد اكتناف الكلام بما يصرفه عن ظاهره ، ولا يشترط أن تكون معيّنة لما هو الحقيقة ، ولذا وقع الخلاف في أنّه هل يلزم أن يكون له حقيقة أم لا؟
(٤) علّة لقوله : «لا بدّ» أي علّة لوجوب اقتران المجاز بالقرينة المستفادة من قوله : «لا بدّ».
(٥) أي من قرينة لفظيّة ، أي منسوبة إلى اللّفظ.
(٦) حيث إنّ قوله : «أفناه قيل الله» إنّما يصرف ما قبله عن ظاهره لدلالته على أنّه كان موحّدا ، فمقابلة قوله : «وصدوره عن الموحّد» له يقتضي أن يقيّد الصّدور عن الموحّد بما إذا لم يعلم من لفظ (يقارنه بالكلام).
فلا يرد عليه ما قيل : من أنّ قوله : «أفناه ...» حينئذ مندرج في قوله : «وصدوره عن الموحّد» فليس قسما برأسه ، لأنّ المراد بصدوره عن الموحّد صدوره عنه مقيّدا بما إذا لم يكن
__________________
(١) سورة هود : ٨٧.