يجب أن يكون له فاعل أو مفعول به إذا أسند إليه يكون الإسناد حقيقة (١) ، فمعرفة فاعله أو مفعوله (٢) الّذي إذا أسند إليه يكون الإسناد حقيقة [إمّا ظاهرة ، كما في قوله تعالى : (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ)(١) (٣)
______________________________________________________
مستلزم للحقيقة بهذا المعنى ، فإنّها عندئذ عبارة عن نفس ما هو له أعني الفاعل والمفعول ، ولا يعقل أن يكون مجاز ولم يكن له ما هو له ، ألا ترى أنّه عرف بإسناد الفعل أو معناه إلى غير ما هو له ، فلا بدّ له ممّا هو له حتّى يتصوّر له مغاير فإذا لا يرد على المصنّف شيء من الإشكالين.
بقي في المقام شيء ، وهو أنّ المعرفة لا تتصف بالخفاء ، فإنّها نفس الظّهور وآبية بماهيّته عن طروّ الخفاء ، فكان على المصنّف أن يقول : حقيقته إمّا ظاهرة وإمّا خفيّة بحذف المعرفة ، لكن يمكن أن يقال : إنّه وصفها بالظّهور والخفاء باعتبار متعلّقه أعني الحقيقة ، فيكون من قبيل وصف الشّيء بحال متعلّقه.
(١) اقتصر المصنّف على الفعل حيث قال : «يعني أنّ الفعل في المجاز العقليّ» ولم يقل : إنّ الفعل أو معناه ، لأنّ الفعل هو الأصل ، وإلّا فما بمعناه مثله.
(٢) لم يقل : فمعرفة إسناده الّذي إذا استعمل يكون حقيقة ، كما يقتضيه السّوق ، لأنّ الإسناد لا يتّصف بالظّهور والخفاء إلّا باعتبار ظهور فاعله أو مفعوله أو خفائهما ، فقوله : «فمعرفة فاعله ...» شروع في دفع الإشكال الثّاني ، أي إذا عرفت أنّ المراد من العبارة المذكورة أنّه يجب أن يكون للفعل في المجاز العقليّ فاعل أو مفعول به إذا أسند إليه يكون الإسناد حقيقة. فنقول : معرفة هذا الفاعل أو المفعول به «إمّا ظاهرة ...» فليس المراد بمعرفة الحقيقة معرفة مفهوم الإسناد إلى ما هو له حتّى يقال : إنّه ظاهر دائما لا خفاء فيه أصلا ، بل المراد به معرفة الفاعل الحقيقيّ أو المفعول به الحقيقيّ ، ولا ريب أنّ معرفتهما تارة تكون واضحة وأخرى تكون خفيّة.
(٣) قد أسند الرّبح إلى التّجارة مع أنّه من الأوصاف القائمة بالمشترين بلا خفاء ، لكونها سببا ومشابها لهم بتعلّق الرّبح بكلّ منهما ، ووجه الظّهور وعدم خفاء كونه من أوصافهم التّبادر العرفيّ ، فإنّهم يفهمون من هذا الكلام أنّ الفاعل الحقيقيّ هو التّجار وأصحاب الأموال ، وإنّما أسند إلى التّجارة مجازا.
__________________
(١) سورة البقرة : ١٥.