أي فما ربحوا (١) في تجارتهم وإمّا خفيّة (٢)] لا تظهر إلّا بعد نظر وتأمّل [كما في قولك : سرّتني رؤيتك (٣) ، أي سرّني الله عند رؤيتك (٤) ، وقوله :]
يزيدك وجهه حسنا (٥) |
|
إذا ما زدته نظرا |
______________________________________________________
(١) أي ما ربحوا ، و «ما» نافية ، أي ما ربح أصحاب الأموال في تجارتهم ، غاية الأمر المراد من المشترين هم المنافقون الّذين اشتروا الضّلالة بالهدى فما ربحوا في تجارتهم هذه.
(٢) وجه الخفاء : هو كثرة الإسناد إلى الفاعل المجازيّ وترك الإسناد إلى الفاعل الحقيقيّ.
(٣) فإنّ إسناد المسرّة إلى الرّؤية مجاز وإلى الله حقيقة ، لأنّ الرّؤية لا تكون متّصفة في الحقيقة بالسّرور ، وإنّما المتّصف به هو القادر المختار وفي معرفة الحقيقة خفاء ، لأنّ الفاعل بحسب الظّاهر هو الرّؤية لا شيء آخر فيحتاج إلى تأمّل. فأسند السّرور إلى الرّؤية مجازا لكونها مشابهة للقادر المختار في تعلّقه بكلّ منهما.
ثمّ إنّ وجه كون معرفة الحقيقة في هذا المثال والأمثلة الآتية خفيّة هو ترك العرف الإسناد إلى الله تعالى ، كما تركوا استعمال الرّحمن فيما وضع له.
(٤) هذا التّفسير إشارة إلى أنّ الفاعل الحقيقيّ في هذا المثال هو الله تعالى ، ثمّ إنّ القول بإسناد السّرور إلى الرّؤية مجازا ، مبنيّ على ما إذا أريد منه حصول السّرور عند الرّؤية ، وأمّا إذا أريد منه أنّ الرّؤية موجبة للسّرور فهو حقيقة عند بعض.
(٥) (يزيد) مضارع زاد ضدّ نقص فعل ، وجهه فاعله ، وحسنا مفعوله الثّاني.
لا يقال : المفعول الثّاني ل (زاد يزيد) شرطه أن تصحّ إضافته إلى المفعول الأوّل ، كما في قوله تعالى : (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) فإنّه يصحّ أن يقال : زاد الله مرضهم ، وفي المقام ليس الأمر كذلك. فإنّه لا يقال : يزيد وجهه حسنك ، لأنّ الحسن ليس وصفا للمخاطب ، بل وصف لوجه الممدوح.
لأنّا نقول : الكلام بتقدير المفعول والجار ، أي يزيدك وجهه علما بحسن فيه إذا ما زدته نظرا ، ولا ريب في صحّة الإضافة عندئذ بأن يقال : يزيد وجهه علمك بحسن فيه. وبهذا