أن يكون له فاعل حقيقة لامتناع صدور الفعل لا عن فاعل ، فهو إن كان ما أسند إليه الفعل فلا مجاز ، وإلّا فيمكن تقديره فزعم صاحب المفتاح أنّ اعتراض الإمام حقّ وأنّ فاعل هذه الأفعال (١) هو الله تعالى وإنّ الشيخ لم يعرف حقيقتها لخفائها ، فتبعه (٢) المصنّف ، وفي ظنّي إنّ هذا (٣) تكلّف والحقّ ما ذكره الشّيخ (٤) [وأنكره (٥)] أي المجاز
______________________________________________________
وهذا الرّدّ يتّجه إن كان مراد الشّيخ أنّ الأفعال المذكورة في الأمثلة المتقدّمة لا يتّصف بها شيء على وجه الحقيقة ، ولا يمكن فرض موصوف لها أصلا ، وليس مراده ذلك ، بل المراد أنّ نحو : سرّتني رؤيتك ، وأقدمني بلدك حقّ لي على فلان ، ويزيدك وجهه حسنا لا يقصد في الاستعمال العرفيّ فيها فاعل الإقدام ولا فاعل السّرور المتعدّي ولا فاعل الزّيادة المتعدّية ، ولذلك لم يوجد في ذلك الاستعمال إسنادها لما يحقّ أن يتّصف بها ، لأنّها لكونها اعتباريّة ألغي عرفا استعمالها لموصوفها الواقعي ، فصار هذا التّركيب في إسناده كالمجاز الّذي لم يستعمل له حقيقة ، وليس المراد أنّ هذه الأفعال الاعتباريّة لا موصوف لها في نفس الأمر يكون الإسناد إليه حقيقة كي يقال : إنّ كون الوصف بلا موصوف غير معقول.
(١) أي سرّتني رؤيتك ، ويزيدك وجهه حسنا ، وأقدمني بلدك حقّ لي على فلان.
(٢) أي صاحب المفتاح المصنّف.
(٣) أي تقدير الفاعل لهذه الأفعال تكلّف ، ووجه التّكلّف إنّ تقدير الفاعل الموجد هو الله تعالى في مثل هذه الأفعال ، تقدير لما لم يقصد في الاستعمال ، ولا يتعلّق به الغرض في التّراكيب.
(٤) وذلك لأنّه ليس مراده نفي الفاعل رأسا ، بل مراده نفي وجوب فاعل أسند إليه المسند قبل إسناده إلى المجاز ، يعني أنّه لا يشترط في المجاز أن يكون المسند قد أسند قبل إلى الفاعل الحقيقيّ ، بل يجوز أن يكون من أوّل الأمر.
(٥) أي أنكر المجاز العقليّ السّكّاكي ، وقال : ليس في كلام العرب مجاز عقليّ ، وملخّص الوجه لإنكاره : أنّ المجاز خلاف الأصل ، قد ثبت في الطّرف قطعا ، وإثباته في الإسناد وإن كان لا فساد فيه لكن يمكن ردّه إلى المجاز في الطّرف الواقع قطعا ، والأصل ردّ ما تردّد فيه إلى المتيقّن ، ولا يخفى أنّ ذلك ليس إلّا لتقليل الانتشار ، وتقريب الضّبط