[أو للاحتياط (١) لضعف التّأويل] أي الاعتماد [على القرينة (٢) أو التّنبيه (٣) على غباوة السّامع أو زيادة الإيضاح والتّقرير (٤)] وعليه (٥) قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ
______________________________________________________
المسند إليه ، بل مقتضى الأصل هو الذّكر بشرط أن لا يكون المقام ممّا فيه نكتة من نكات الحذف ، فعند وجودها لا يقتضي الذّكر.
(١) عطف على قوله : «لكونه الأصل» لا على «الأصل» ، ومعنى العبارة : أنّه يذكر المسند إليه لأجل احتياط إحضاره في ذهن السّامع وإن وجدت قرينة دالّة عليه.
(٢) إمّا لخفاء القرينة ، وإمّا لاشتباه فيها ، وبه يظهر أنّ ما سبق من أنّ القرينة العقليّة أقوى من اللّفظ يحمل على ما إذا لم يكن فيها خفاء واشتباه فلا منافاة بين هذا وبين ما سبق ، فلا يصحّ أن يقال : إنّ هذا يقتضي أنّ اللّفظ أقوى من القرينة العقليّة ، فيكون مناقضا لما سبق من أنّ القرينة العقليّة أقوى ، حيث قال المصنّف هناك : «أو لتخييل العدول إلى أقوى الدّليلين من العقل والنّقل».
(٣) أي تنبيه المتكلّم الحاضرين على غباوة من هو مقصود بالسّماع مع علم المتكلّم بأنّ السّامع يفهم المسند إليه من القرينة عند الحذف.
(٤) أي زيادة إيضاح المسند إليه وزيادة تقريره وتثبيته في ذهن السّامع كقولك : سرق ابن السّلطان ، في جواب ما صنع ابن السّلطان؟ قصدا لزيادة إيضاحه وتقريره في ذهن السّامع.
لا يقال : إنّ كلام المصنّف صريح في أنّ ذكر المسند إليه عند وجود القرينة إمّا لزيادة إيضاحه وزيادة تقريره ، وهذا صحيح بالإضافة إلى الزّيادة حيث إنّ نفس الإيضاح والانكشاف حاصل بواسطة القرينة وزيادته بذكره ، وغير صحيح بالقياس إلى التّقرير ، لأنّه عبارة عن إثبات الشّيء ثانيا بعد إثباته أوّلا ، فالذّكر مفيد لأصله لا لزيادته.
فإنّه يقال : بأنّ الإشكال المذكور إنّما يرد على تقدير أن يكون التّقرير معطوفا على «الإيضاح» ، وليس الأمر كذلك ، بل إنّه عطف على «زيادة» فعندئذ يندفع الإشكال.
أو يقال : إنّ المراد من التّقرير هو مطلق الإثبات لا الإثبات المسبوق بإثبات آخر ، فلا إشكال حتّى على فرض عطف «التّقرير» على «الإيضاح» فإنّ أصل التّقرير ، أي مجرّد الإثبات حاصل بالقرينة ، والذّكر مفيد لزيادته.
(٥) أي على ذكر المسند إليه لزيادة الإيضاح والتّقرير جاء قوله تعالى ، حيث لم يحذف