وقد يكون الذّكر للتّهويل (١) أو التّعجّب (٢) أو الإشهاد في قضيّة (٣) أو التّسجيل (٤) على السّامع حتّى لا يكون له سبيل إلى الإنكار وعليه.
______________________________________________________
المترتّبة على العصا خارجا.
فإنّه يقال : أوّلا : إنّ موسى عليهالسلام أجمل تلك المآرب لأنّه كان مترقّبا لأن يسأله الله تعالى عن تفصيلها ، فيلتذّ بخطابه تعالى.
وثانيا : أجملها لعدم التفاته إلى تفصيلها حين تكلّمه مع الله سبحانه.
وثالثا : إنّه أجملها لغلبة الحياء عليه لمزيد المهابة والجلالة.
فإن قلت : إنّ التّعبير بالإصغاء لا يناسب التّمثيل بقوله تعالى حكاية عن موسى عليهالسلام (هِيَ عَصايَ ،) لأنّ الإصغاء في اللّغة بمعنى إمالة الأذن لسماع الكلام ، ولا شكّ أنّها لا يتصوّر في حقّ الله سبحانه ، لتنزّهه عن الجارحة.
قلت : إنّ المراد بالإصغاء هو السّماع مجازا.
(١) أي التّخويف كما في قول القائل : أمير المؤمنين يأمرك بكذا ، تهويلا للمخاطب بذكر المسند إليه باسم الإمارة للمؤمنين ليمتثل أمره. أو في قول القائل : القائد العامّ للجيش يأمرك بكذا ، فذكر المسند إليه في المثالين ليس إلّا لتخويف المخاطب.
(٢) أي إظهار التّعجّب من المسند إليه بذكر اللّفظ الدّالّ عليه ، كقولك : هذا الصّبي قتل السّبع ، وزيد يقاوم الأسد ، فذكر المسند إليه مع وجود القرينة إنّما هو لإظهار العجب والتّعجّب ، إذ نفس التّعجّب لا يتوقّف على الذّكر.
(٣) أي إشهاد المتكلّم السّامع على اتّصاف المسند إليه بالمسند المذكور بأن يشهده ، ويقول المتكلّم : زيد معتق فلان ، فإنّه يذكر زيدا مع وجود القرينة كي يتعيّن عند السّامع ولا يطرأ عليه الالتباس عند أداء الشّهادة ، ولا يجد المشهود عليه سبيلا للإنكار.
(٤) أي كتابة الحكم وضبطه على السّامع بين يديّ الحاكم حتّى لا يكون له سبيل إلى الإنكار ، كما إذا أقرّ عمرو عند جماعة بأنّ الفرس لزيد ، ثمّ رجع عن إقراره ، ولم يردّ الفرس إلى زيد ، فاشتكى زيد عند الحاكم فأحضر الحاكم الجماعة مع عمرو ، وسألهم : هل أقرّ هذا مشيرا إلى عمرو ، فيقولون : نعم ، عمرو هذا أقرّ على نفسه ، فيذكرون المسند إليه مع وجود القرينة لتسجيلهم الأمر على السّامع أعني عمرا حتّى لا