واحترز بهذا (١) عن إحضاره (٢) باسم جنسه (٣) نحو رجل عالم جاءني [في ذهن السّامع ابتداء] أي أوّل مرّة (٤) واحترز به (٥) عن نحو : جاءني زيد وهو راكب [باسم مختصّ به] أي بالمسند إليه (٦)
______________________________________________________
يحيط بالمسمّى ، كما إذا كان المسند إليه في الكلام لفظ الجلالة ، وكان المخاطب عبدا ، فإنّ العبد لا يكون عالما بكنه ذاته تعالى ومحيطا بجميع صفاته ، فكيف يمكن للمتكلّم أن يحضر مسمّى لفظ الجلالة بعينه في ذهن المخاطب إذا كان عبدا؟
والجواب : إنّه لا ريب أنّ العبد وإن لم يكن عالما بكنهه سبحانه ومحيطا بجميع صفاته إلّا أنّه مميّز له سبحانه عن جميع ما عداه ، ولو بخاصّة مساوية له تعالى بحيث يمتنع اشتراكها بين الكثيرين كعنوان واجب الوجود والمعبود بالحقّ ونحوهما.
(١) أي بعينه.
(٢) أي المسند إليه.
(٣) أي المسند إليه ، وكلمة «اسم» زائدة ، فالحقّ أن يقول : بجنسه ، نحو : رجل عالم جاءني ، لأنّ مقابل قوله : «بعينه» هو بجنسه لا «باسم جنسه» فإنّ لفظ رجل يحضر المسند إليه في ذهن السّامع حال كونه متلبّسا بجنسه لا حال كونه متلبّسا بشخصه.
(٤) هذا التّفسير إشارة إلى ظرفيّة «ابتداء».
(٥) أي بقيد «ابتداء» ، أي احترز بهذا القيد عن إحضار المسند إليه بشخصه ثانيا بالضّمير الغائب الرّاجع إلى مسمّى العلم نحو : جاءني زيد وهو راكب ، حيث إنّ الضّمير الغائب وإن كان يحضر المسند إليه في ذهن السّامع إلّا أنّ هذا الإحضار ليس ابتدائيّا ، بل يكون ثانويّا حيث إنّه يشترط في الضّمير الغائب سبق المرجع لفظا أو تقديرا.
فإن قلت : إنّ الضّمير الغائب لا يمكن أن يحضر المسند إليه في ذهن السّامع ثانيا أيضا لاستحالة تحصيل الحاصل ، فكلمة «هو» في المثال المذكور لا يمكن أن تكون محضرة لمسمّى زيد ثانيا ، إذ قد أحضر في ذهن السّامع بلفظ زيد ، والمحضر لا يقبل الإحضار.
قلت : إنّ إحضاره باعتبار كونه مدلول المرجع مغاير لإحضاره باعتبار كونه مدلول الضّمير ، فلا يلزم محذور تحصيل الحاصل ، هذا مع إمكان تحقّق الإحضار الثّاني حال غفلة السّامع عن الإحضار الأوّل.
(٦) بأن يكون ذلك الاسم مقصورا عليه ولا يتجاوز إلى غيره.