بقوله : ابتداء ، عن الإحضار بشرط التّقدّم كما في المضمر الغائب والمعرّف بلام العهد ، فإنّه يشترط تقدّم ذكره والموصول فإنّه يشترط تقدّم العلم بالصّلة وفيه (١) نظر لأنّ جميع طرق التّعريف كذلك حتّى العلم (٢) ، فإنّه مشروط بتقدّم العلم بالوضع [نحو (٣) :
______________________________________________________
والمعرّف بلام العهد ، والموصول حيث إنّ هذه الثّلاثة لا تحضر المسند إليه بعينه في ذهن السّامع ابتداء ، بل تحضره بواسطة تقدّم الذّكر والعلم بالصّلة ، إذ يعتبر تقدّم ذكر مرجع الضّمير تحقيقا كما في قولك : جاءني وهو شاعر ، أو تقديرا كقوله تعالى : (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى)(١) ، وكذا في لام العهد كقولك : جاءني رجل فقال الرّجل ، ويحضر المسند إليه في الموصول بواسطة العلم بالصّلة ، فإنّ كلمة الّذي في قولك : جاءني الّذي قام أبوه ، يحضر المسند إليه في ذهن المخاطب بواسطة علمه بمضمون (قام أبوه).
(١) أي فيما قيل نظر وإشكال لأنّ ما ذكره من أنّ «ابتداء» للاحتراز عن إحضار المسند إليه بالأمور الثّلاثة لا يصحّ إلّا أن نقول : بأنّ المراد بشرط تقدّم ذكره في الضّمير ولام العهد والعلم بالصّلة في الموصول هو ما عدا العلم بالوضع ، بأن يكون معنى قوله : «ابتداء» أي لا يتوقّف إحضار المسند إليه في ذهن السّامع بعد العلم بالوضع على شيء آخر ، فلا بدّ عندئذ من تقييد الإحضار ببعد العلم بالوضع ، وهو خلاف الظّاهر مضافا إلى أنّ هذا بعينه معنى قوله : «باسم مختصّ به» لأنّ معنى إحضار المسند إليه في ذهن السّامع بنفس لفظه هو إحضاره في ذهنه باسم مختصّ به. والحاصل : إنّ جميع طرق التّعريف مشروط بتقدّم العلم ، فهذا الشّرط لا يختصّ بالعلميّة.
(٢) أي العلم بالمسند إليه وثبوت الحكم عليه مشروط بتقدّم العلم بالوضع ، فلو كان مراد المصنّف من قوله : «ابتداء» عدم توقّف إحضار المسند إليه على شيء أصلا لخرج العلم به أيضا مع أنّه المقصود.
(٣) مثال لإيراد المسند إليه علما ، لأنّ الله علم أورد لإحضاره في ذهن السّامع ابتداء مع جميع مشخّصاته بآثار صفاته باسم خاصّ به ، ووجه كونه علما أنّه وضع من أوّل الأمر للذّات المستجمع لجميع الصّفات كما عليه أئمّة الدّين.
__________________
(١) سورة آل عمران : ٦٣.