لأنّه حينئذ يكون استعارة لا كناية (١) على ما سيجيء ولو كان المراد ما ذكره لكان قولنا فعل هذا الرّجل كذا مشيرا إلى الكافر ، وقولنا : أبو لهب فعل كذا كناية عن الجهنّمي ولم يقل به أحد وممّا يدلّ على فساد ذلك أنّه مثل صاحب المفتاح وغيره في هذه الكناية بقوله تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ)(١) ولا شكّ أنّ المراد به (٢) الشّخص المسمّى بأبي لهب لا كافر آخر [أو إيهام استلذاذه (٣)]
______________________________________________________
الأمر الأوّل : ما أشار إليه بقوله : «لأنّه حينئذ» أي إذا كان المراد نفس اللّازم لا المسمّى «يكون استعارة» لأنّه قد استعمل لفظ في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة في الجود وكذا أبو لهب مستعمل في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة في الكفر.
الأمر الثّاني : ما أشار إليه بقوله : «ولو كان المراد ما ذكره لكان قولنا فعل كذا هذا الرّجل مشيرا إلى الكافر ، وقولنا : أبو لهب فعل كذا كناية عن الجهنّمي ولم يقل به أحد» بل إنّه استعارة كما عرفت.
الأمر الثّالث : ما أشار إليه بقوله : «وممّا يدلّ على فساد ذلك» أي ما قيل.
(١) لأنّ الكناية على مذهب المصنّف هو استعمال اللّفظ في معناه ابتداء لينتقل منه إلى لازمه ، وعلى مذهب السّكّاكي هو استعمال اللّفظ في لازم معناه ابتداء لينتقل منه إلى الملزوم الموضوع له ، وفي كلام هذا القائل قد استعمل اللّفظ ابتداء في اللّازم فلا يكون كناية.
(٢) أي أبو لهب ، فلمّا كان المراد بأبي لهب في الآية المباركة هو الشّخص المسمّى بأبي لهب لا كافر آخر لم يكن كناية عن الجهنّمي مع أنّه مثّلها للكناية ، فيلزم أن لا يطابق المثال بالممثّل له ، وهو باطل ، فليس المراد بأبي لهب كافر آخر ، بل المراد به هو الشّخص المسمّى بأبي لهب ، غاية الأمر أريد منه الجهنّمي كناية من باب ذكر الملزوم وإرادة اللّازم ، كما عرفت تفصيل ذلك.
(٣) أي العلم ، والمعنى أنّ إيراد المسند إليه علما لإيقاع المتكلّم في وهم السّامع وجدانه العلم لذيذا.
لا يقال : إنّه لا وجه لذكر الإيهام ، لأنّ اللّفظ الّذي يدلّ على ما تحبّه النّفس لذيذ عندها تحقيقا لا على سبيل الإيهام.
__________________
(١) سورة المسد : ١.