[ربّما جعل (١) ذريعة] أي وسيلة [إلى التّعريض بالتّعظيم لشأنه] أي لشأن الخبر [نحو : إنّ الّذي (٢) سمك] أي رفع [السّماء بنى لنا (٣) بيتا (٤) أراد (٥) به الكعبة ، أو بيت الشّرف والمجد [دعائمه (٦) أعزّ وأطول]
______________________________________________________
إلى التّعريض ... لا أنّ مجرّد جعل المسند إليه موصولا «ربّما جعل ذريعة» لأنّه لو كان كذلك لقال : أو جعله ذريعة على نسق ما قبله.
فإن قلت : لماذا لم تجعل هذه الأغراض مقصودة من إيراد المسند إليه موصولا ، فلا حاجة حينئذ إلى جعلها تابعة للإيماء متفرّعة عليه.
قلت : إنّه لمّا كانت هذه الأغراض أمورا مهمّة جعل الإيماء توطئة لها ، وإثبات الأمر المهمّ بعد التّوطئة والتّمهيد له أولى من إثباته ابتداء ، فيكون تفريعها عليه أمرا مناسبا مستحسنا لا ضروريّا.
(١) أي جعل الإيماء وسيلة إلى التّعريض بالتّعظيم لشأن الخبر ، والتّعريض عبارة عن دلالة الكلام على معنى ليس له في الكلام ذكر ، نحو : ما أقبح البخل ، يريد أنّه بخيل ، فيكون المقصود من الإيماء التّعريض بالتّعظيم مثلا ، ونفس الإيماء غير مقصود بالذّات ، يعني كلّما وجد جعله ذريعة وجد الإيماء ، من غير عكس بالمعنى اللّغوي ، فالإيماء أوسع مجالا ، لأنّه قد يكون ذريعة وقد لا يكون.
فالفرق بين هذا البحث والمبحث السّابق : أنّ إيراد المسند إليه موصولا كان للإشارة إلى جنس الخبر ونوعه في المبحث السّابق ، وكذلك في هذا المبحث إلّا أن تلك الإشارة في هذا المبحث قد تكون ذريعة للتّعريض بتعظيم شأنه أو شأن غيره أو ذريعة للتّعريض بالإهانة لشأن الخبر أو تحقّق الخبر.
(٢) أي الله تعالى ، لأنّه رفع السّماء.
(٣) أي لأجلنا.
(٤) تنكير البيت إنّما هو للتّعظيم.
(٥) أي أراد الفرزدق بقوله : «بيتا» الكعبة ، أو بيت الشّرف ، إضافة البيت إلى الشّرف بيانيّة ، أو المراد ب «بيت الشّرف» نسبه ، وب «دعائمه» الرّجال الّذين فيه.
(٦) أي البيت صفة بيت جمع دعامة ، وهي عمود البيت ، وحاصل الكلام : إنّ المراد