أو تعظيمه بالبعد نحو : (الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ)(١) (١)] تنزيلا لبعد درجته (٢) ورفعة محلّه (٣) منزلة بعد المسافة [أو تحقيره (٤) بالبعد كما يقال : ذلك اللّعين فعل كذا] تنزيلا لبعده (٥)
______________________________________________________
على القرب ، فإنّ القرب هنا عبارة عن دنوّ رتبته وسفالة درجته.
توضيح ذلك : إنّ القرب قد يطلق على دناءة المرتبة فيقال : زيد قريب ، أي داني المرتبة ، وهذه المسألة قربيّة ، أي هيّنة وسهل التّناوّل ، كذلك قد يطلق ما يدلّ على القريب ، كلفظة هذا على دناءة المرتبة والحقارة ، فيقال : هذا الّذي فعل كذا لمجنون ، أي هذا الدّانيّ المرتبة وحقير المنزلة الّذي فعل كذا لمجنون ، تنزيلا لانحطاط درجته ودنوّ مرتبته منزلة قرب المسافة ، فإنّ كلّ شيء كان أعلى مرتبة ومنزلة ، يحتاج الوصول إليه إلى الوسائط ، كالشّيء البعيد من حيث المسافة بخلاف شيء دانيّ المرتبة ، فإنّ الوصول إليه لا يحتاج إلى وسائط فهو بمنزلة شيء قريب من حيث المسافة نحو : (أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ) والشّاهد : «هذا» حيث أوتي به لقصد إظهار حقارة المسند إليه أعني نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم قاله أبو جهل مشيرا إلى المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والحاصل أنّه قد أورد المسند إليه اسم الإشارة الموضوع للقريب قصدا لإهانته ، فكان الكفرة قبّحهم الله يقولون : أهذا الحقير يذكر آلهتكم المستعظمة بنفي الألوهيّة عنها.
(١) قد أوتي بالمسند إليه اسم الإشارة الموضوع للبعيد لإظهار عظمته ، والمسند إليه في الآية هو القرآن ، فاستعمل اسم الإشارة الموضوع للبعيد تنزيلا لبعد درجته في البلاغة ، والإخبار بالغيوب بمنزلة البعد الخارجيّ ، فيكون التّنزيل المذكور من باب تنزيل المعقول منزلة المحسوس.
(٢) أي عظم درجته.
(٣) أي شأن الكتاب في الفصاحة والأسلوب.
(٤) أي المسند إليه ، كما يقال : ذلك اللّعين ، والحال أنّه قريب.
(٥) أي المشار إليه قوله : «تنزيلا» مفعول له لفعل محذوف ، أي استعمل ما وضع للإشارة إلى البعيد في الحاضر القريب «تنزيلا لبعده عن ساحة عزّ الحضور» ، وإضافة «عزّ» إلى
__________________
(١) سورة البقرة : ١.