[للإشارة إلى معهود (١)] أي إلى حصّة من الحقيقة (٢) معهودة (٣) بين المتكلّم والمخاطب واحدا كان أو اثنين أو جماعة يقال (٤) : عهدت فلانا إذا أدركته ولقيته ، وذلك لتقدّم ذكره صريحا أو كناية. [نحو : (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى)(١) (٥) أي ليس] الذّكر
______________________________________________________
(١) أي معهود في الخارج ، وقدّم لام العهد على لام الحقيقة ، لأنّ المعرّف بها أعرف من المعرّف بلام الحقيقة ، وعكس السّكّاكي.
(٢) التّفسير المذكور من الشّارح جواب عن سؤال مقدّر : وحاصل السّؤال : أنّه لا يصحّ جعل الإشارة إلى معهود مقابلا للإشارة إلى نفس الحقيقة ، لأنّ نفس الحقيقة في المعرّف بلام الجنس أيضا معهودة.
وملخّص الجواب : إنّ المراد من المعهود البعض ، أعني الفرد المقابل للحقيقة ، لا الفرد المقابل للاثنين والجماعة ، فإذا لا إشكال على جعل الإشارة إلى المعهود مقابلا للإشارة إلى نفس الحقيقة.
إن قلت : ما وجه اختيار الشّارح عنوان الحصّة دون عنوان الفرد مع أنّ الثّاني أوضح من الأوّل.
قلت : الوجه في ذلك أنّ المتبادر من الفرد هو الشّخص الواحد عرفا والمعهود الخارجيّ قد يكون واحدا ، وقد يكون اثنين ، وقد يكون جماعة.
نعم ، الحصّة في اصطلاح المناطقة عبارة عن الطّبيعة المعروضة للتّشخّص.
(٣) أي معيّنة.
(٤) أي يقال : عهدت فلانا لغة ، والمراد هنا لازمه وهو التّعيين ، لأنّ إدراك الشّيء وملاقاته يستلزم تعيينه ، فالمراد بالمعهود هو المعيّن.
(٥) والقصّة ، إذ قالت امرأة عمران : (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ٣٥ فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ).
والشّاهد : في قوله تعالى : (وَلَيْسَ الذَّكَرُ) حيث إنّ الذّكر مذكور سابقا في ضمن قولها : (مُحَرَّراً) لأنّ قولها : (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً) بمنزلة إنّي نذرت الذّكر الّذي في بطني لأنّ العتق لخدمة بيت المقدس لا يكون صالحا إلّا الذّكر.
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣٦.