ولمّا كان ههنا مظنّة اعتراض (١) وهو أنّ إفراد الاسم يدلّ على وحدة معناه والاستغراق يدلّ على تعدّده ، وهما (٢) متنافيان.
وأجاب عنه (٣) بقوله : [ولا تنافي بين الاستغراق وإفراد الاسم لأنّ الحرف] الدّالّ على الاستغراق كحرف النّفي ، ولام التّعريف [إنّما يدخل عليه] أي على الاسم المفرد حال كونه [مجرّدا عن] الدّلالة على [معنى الوحدة]
______________________________________________________
(١) أي لمّا كان في قوله : «واستغراق المفرد أشمل» موضع اعتراض مظنون.
وحاصله :
إنّ إدخال أداة الاستغراق على اسم الجنس المفرد لا يجوز ، لأنّ الاسم المفرد لكونه في مقابل التّثنية والجمع يدلّ بأفراده على وحدة معناه ، وأداة الدّاخلة عليه للاستغراق تدلّ على تعدّده ، ويمتنع أن يكون الشّيء الواحد واحدا ومتعدّدا في حالة واحدة ، فبطل كون المفرد مستغرقا ، لأنّ الوحدة والتّعدّد متنافيان ، فلا يجتمعان.
(٢) أي الوحدة والمتعدّدة.
(٣) أي أجاب المصنّف عن الثّاني ، والاعتراض المذكور بجوابين :
الأوّل : بتسليم أنّ الوحدة تنافي التّعدّد بأن يقول : سلّمنا التّنافي بينهما لكن أداة الاستغراق المفيدة للتّعدّد إنّما تدخل عليه بعد تجريده عن الوحدة ، كما أنّ علامة التّثنية والجمع إنّما تدخل عليه بعد تجريده عن الوحدة.
الثّاني : بمنع تنافيهما بأن يقول : لا نسلّم أنّ الوحدة تنافي التّعدّد ، لأنّ معنى الوحدة عدم اعتبار اجتماع أمر آخر معه ، والمفرد الدّاخلة عليه أداة الاستغراق معناه كلّ فرد فرد بدلا عن الآخر ، بحيث لا يخرج فرد من الأفراد الّتي يصدق عليها حقيقة أو عرفا ، وهذا لا ينافي الوحدة ، وليس عبارة عن مجموع الأفراد حتّى ينافي هذا ، لكنّ الأولى للمصنّف تقديم الجواب الثّاني على الأوّل ، لأنّ الأوّل بالتّسليم ، والثّاني بالمنع ، والشّأن عند المناظرة تقديم المنع على التّسليم ، ويمكن الجواب عنه بأنّه اختار التّدريج بالإرخاء أوّلا ، وبالرّد ثانيا ، كما في الدّسوقي.