[وللتّحقير (١) نحو : (إِنْ نَظُنُ)(١)] أي ظنّا حقيرا ضعيفا ، إذ الظّنّ ممّا يقبل الشّدّة والضّعف ، فالمفعول المطلق ههنا للنّوعيّة لا للتّأكيد (٢) ، وبهذا الاعتبار (٣) صحّ وقوعه بعد الاستثناء مفرّغا مع امتناع نحو : ما ضربته إلّا ضربا على أن يكون المصدر للتّأكيد ، لأنّ مصدر ضربته لا يحتمل غير الضّرب (٤) والمستثنى منه يجب أن يكون متعدّدا يحتمل المستثنى وغيره ، واعلم أنّه كما أنّ التّنكير الّذي في معنى البعضيّة يفيد التّعظيم ، فكذلك صريح لفظة البعض كما في قوله تعالى : (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ)(٢) أراد محمّدا صلىاللهعليهوسلم (٥) ،
______________________________________________________
(١) أي ومن تنكير غير المسند إليه للتّحقير نحو : قوله تعالى : (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا) أي ظنّا حقيرا ضعيفا ، فالمفعول المطلق هنا للنّوعيّة لا للتّأكيد ، فالمعنى : إن نظنّ شيئا من أنواع الظّنون إلّا ظنّا حقيرا ضعيفا.
(٢) حتّى يلزم إخراج الشّيء عن نفسه.
(٣) أي باعتبار كون المفعول المطلق هنا للنّوعيّة لا للتّأكيد صحّ وقوعه بعد لفظ إلّا مفرّغا ، أي استثناء مفرّغا.
وهذا الكلام من الشّارح جواب عن إشكال يورد على مثل هذا التّركيب ، وهو أنّ المستثنى المفرّغ يجب أن يستثنى من متعدّد مستغرق حتّى يدخل فيه المستثنى ، فيخرج بالاستثناء ، وليس مصدر نظنّ محتملا غير الظّنّ مع الظّنّ حتّى يخرج الظّنّ من بينه ، وبما ذكره الشّارح ينحلّ الإشكال ، إذ المعنى عندئذ : إن نظنّ شيئا من أنواع الظّنون إلّا ظنّا ، أي ظنّا حقيرا.
(٤) لأنّه للتّأكيد.
(٥) إنّ محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم بلغ في ارتفاع شأنه ، وعلوّ مكانه مبلغا لا يليق أن يذكر اسمه صريحا ، ولذا ذكر البعض ، وأريد محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
(١) سورة الجاثية : ٣١.
(٢) سورة البقرة : ٢٥٣.