وفي عرف النّحاة التّخصيص عبارة عن تقليل الاشتراك في النّكرات (١) ، والتّوضيح عبارة عن رفع الاحتمال الحاصل في المعارف [نحو : زيد التّاجر عندنا] فإنّ وصفه بالتّاجر يرفع احتمال التّاجر وغيره (٢) ، [أو] لكون الوصف (٣) [مدحا أو ذمّا نحو : جاءني زيد العالم أو الجاهل حيث يتعيّن الموصوف (٤)] أعني زيدا [قبل ذكره]
______________________________________________________
عند النّحاة ، لأنّ التّخصيص عند البيانيّين يجري في النّكرات والمعارف ، هذا بخلاف التّخصيص عند النّحاة حيث لا يجري إلّا في النّكرات ، وأمّا رفع الاحتمال في المعارف ، فهو توضيح لا تخصيص.
توضيح ذلك : إنّ التّخصيص على اصطلاح أرباب المعاني يغاير التّخصيص على اصطلاح النّحويّين ، لأنّ أئمّة المعاني يطلقون التّخصيص على معنى شامل لتقليل الاشتراك الحاصل في النّكرات ، ولرفع الاحتمال الكائن في المعارف ، وأئمّة النّحو يطلقون التّخصيص على خصوص تقليل الاشتراك الكائن في النّكرات ، وأمّا رفع الاحتمال الكائن في المعارف فيطلقون عليه التّوضيح لا التّخصيص ، وعليه فما ذكره المصنّف من التّمثيل لكون الوصف مخصّصا بقوله : «زيد التّاجر» مبنيّ على ما اصطلح عليه أرباب المعاني ، فلا يرد عليه أنّه وقع في غير محلّه.
(١) نحو : رجل عالم ، فإنّه كان بحسب الوضع محتملا لكلّ فرد من أفراد الرّجال ، فلمّا قلت : عالم ، قلّلت ذلك الاشتراك والاحتمال وخصّصته بالفرد من الأفراد المتّصفة بالعلم.
(٢) فإنّ زيدا كان فيه احتمال أن يكون تاجرا أو غيره بحسب تعدّد الوضع ، فلمّا وصفته بالتّاجر رفعت احتمال غيره.
(٣) إشارة إلى أنّ قوله : «مدحا» عطف على قوله : «مبيّنا أو مخصّصا» ويحتاج حينئذ إلى التّأويل بمادح أو ذامّ أو إلى كونه بتقدير ذا مدح ، أو ذا ذمّ أو إلى القول بأنّه جعل الوصف مدحا أو ذمّا مبالغة.
(٤) إمّا لعدم شريك له في ذلك الاسم أو لمعرفة المخاطب له بعينه قبل ذكر الوصف ، فالحيثيّة للتّقييد ، يعني أنّ هذا المثال يكون مثالا للمدح أو الذّمّ في مقام يتعيّن ويعلم قبل ذكر الوصف وإن لم يتعيّن ، لا يكون مثالا لهما.