أي ذكر الوصف ، وإلّا (١) لكان الوصف مخصّصا [أو] لكونه [تأكيدا نحو : أمس (٢) الدّابر كان يوما عظيما] فإنّ لفظ الأمس ممّا يدلّ على الدّبور ، وقد يكون الوصف لبيان المقصود وتفسيره كقوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ)(١) (٣) حيث وصف دابّة وطائر بما هو من خواصّ الجنس لبيان أنّ القصد منهما إلى الجنس دون الفرد. وبهذا الاعتبار (٤) أفاد هذا الوصف زيادة التّعميم والإحاطة (٥)
______________________________________________________
(١) أي وإن لم يتعيّن الموصوف «لكان الوصف مخصّصا» لا مدحا ولا ذمّا.
(٢) إنّ لفظ الأمس ممّا يدلّ على الدّبور ، فوصفه بالدّابر تأكيد ، ثمّ المراد من التّأكيد ليس التّأكيد الاصطلاحي لا اللّفظي ولا المعنوي ، بل المراد المقرّر كما في بعض الشّروح.
«أمس» مبنيّ على الكسر لالتقاء السّاكنين ، عند الحجازيّين لتضمّنه معنى لام التّعريف ، وعند التّميم معرب غير منصرف للتّعريف والعدل ، وعلى التّقديرين فهو مبتدأ والجملة خبره.
(٣) إنّ قوله تعالى : (فِي الْأَرْضِ) وصف شارح لقوله : (وَما مِنْ دَابَّةٍ) وكذلك (يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) وصف شارح لقوله : (وَلا طائِرٍ).
وبعبارة أخرى : إنّهما نعتان لدابّة وطائر ، والغرض منهما بيان المقصود وهو الجنس حيث إنّ الكينونة في الأرض والطّيران بالجناحين لا يختصّان بفرد دون فرد ، أو بطائفة دون طائفة ، بل يوجدان في كلّ ما يكون داخلا تحت الجنسين ، وذلك قرينة على أنّ المراد هو الجنس المستلزم للاستغراق الحقيقيّ.
(٤) أي باعتبار كون الوصف لبيان الجنس.
(٥) أي أفاد زيادة التّعميم بسبب تحقّق الجنس في جميع الأفراد ، فلا تنافي بين قصد الجنس ، وإفادة زيادة التّعميم ، ثمّ زيادة التّعميم مستفادة من تحقّق الجنس في جميع الأفراد وأصل التّعميم والإحاطة حاصل من وقوع النّكرة في سياق النّفي مقرونة بمن.
إن قلت : إنّ وقوع النّكرة في سياق النّفي ـ يفيد العموم سيّما مع من الزّائدة ، فإنّها عندئذ نصّ في الاستغراق ـ كاف في بيان أنّ المقصود من النّكرة هو الجنس الموجود في ضمن جميع الأفراد دون الفرد ، فإذا لا وجه للالتزام بأنّ الوصفين لبيان أنّ المقصود من
__________________
(١) سورة الأنعام : ٣٨.