لأنّه لا يقع في فصيح الكلام (١). [وأمّا العطف (٢)] أي جعل (٣) الشّيء معطوفا على المسند إليه [فلتفصيل المسند إليه (٤) مع اختصار نحو : جاءني زيد وعمرو] فإنّ فيه (٥) تفصيلا للفاعل بأنّه زيد وعمرو من غير دلالة على تفصيل الفعل (٦) بأنّ المجيئين كانا معا أو مترتّبين مع مهلة (٧) أو بلا مهلة (٨) ، واحترز بقوله : مع اختصار عن نحو : جاءني زيد ، وجاءني عمرو ،
______________________________________________________
(١) أي والحال إنّ بحث أرباب علم المعاني والبيان إنّما هو في كلام البلغاء والفصحاء ، فلا وجه لذكر ما هو بمعزل عن استعمال البلغاء والفصحاء ، إلّا أن يقال : إنّ عدم وقوع بدل الغلط مطلقا في كلام البلغاء ممنوع ، بل لا يقع بعض أقسامه.
وتوضيح ذلك : إنّ الغلط على ثلاثة أقسام : غلط صريح محقّق : كما أردت أن تقول : جاءني حمار ، فسبق لسانك إلى رجل ، ثمّ تداركته ، فقلت حمار.
وغلط نسيان : وهو أن تنسى المقصود فتعمد لما هو غلط ، ثمّ تداركته بذكر المقصود ، فهذان القسمان لا يقعان في فصيح الكلام.
وغلط بداء : وهو أن تذكر المبدل منه عن قصد ، ثمّ تذكر البدل ، وغرضك من ذلك التّرقّي من الأدنى إلى الأعلى كقولك : هذا نجم بدر ، وكذا قولك : نجم شمس ، وهذا القسم الأخير يقع في كلام البلغاء والشّعراء كثيرا مبالغة وتفنّنا.
(٢) أي عطف النّسق.
(٣) هذا التّفسير إشارة إلى أنّ العطف بمعنى المصدر لا التّابع المخصوص.
(٤) أي ذكره منفصلا بعضه عن بعض ، وأمّا تفصيل المسند إليه بالمعنى المذكور فظاهر ، وأمّا الاختصار فللاكتفاء بفعل واحد ، ولو قال : جاءني زيد ، وجاءني عمرو ، لفات الاختصار.
(٥) أي في المثال المذكور.
(٦) أي المجيء ، لأنّ الواو إنّما هو للجمع المطلق ، أي لثبوت الحكم للتّابع والمتبوع من غير تعرّض لتقدّم أحدهما على الآخر أو المعيّة.
(٧) كما إذا كان حرف العطف (ثمّ).
(٨) كما إذا كان حرف العطف (الفاء).