ففي هذه الأمثلة تفصيل المسند إليه كأنّه أمر كان معلوما (١) ، وإنّما سيق الكلام لبيان أنّ مجيء أحدهما كان بعد الآخر (٢) ، فليتأمّل (٣). وهذا البحث (٤) ممّا أورده الشّيخ في دلائل الإعجاز ووصّى بالمحافظة عليه (٥) [أو ردّ السّامع (٦)] عن الخطأ في الحكم [إلى الصّواب (٧) نحو : جاءني زيد لا عمرو] لمن اعتقد أنّ عمرا جاءك دون زيد (٨) ، أو أنّهما جاءاك جميعا (٩) ،
______________________________________________________
(١) عند المخاطب قبل دخول هذه الثّلاثة ، وكان غير مقصود بهذه الثّلاثة.
(٢) وهو عين تفصيل المسند.
(٣) لعلّه إشارة إلى أنّ هذه القاعدة أغلبيّة ، وليست كلّيّة ، كما هو ظاهر كلام الشّيخ إذ قد يكون النّفي داخلا على مقيّد بقيد ، ويكون منصبّا على المقيّد وحده أو على القيد والمقيّد معا بواسطة القرينة.
(٤) أي إنّ الشّيء قد يكون حاصلا ولا يكون مقصودا أو أنّ الكلام إذا اشتمل على قيد زائد على مجرّد الإثبات فهو الغرض الخاصّ والمقصود من الكلام ، والاحتمال الأوّل أقرب إلى ما في كلام الشّيخ في دلائل الإعجاز.
(٥) أي أمر ، ونبّه وقال : فاحفظه ، فإنّه ينفعك في مواضع شتّى.
(٦) لا بدّ من تقييد الرّدّ المذكور بقيد مع اختصار ليخرج عنه نحو : ما جاء زيد ، ولكن جاء عمرو ، فإنّ فيه ردّ السّامع إلى الصّواب ، لكن لا اختصار فيه ، فلذا لم يكن من العطف على المسند إليه ، بل من عطف الجملة على الجملة.
ويمكن أن يقال : بأنّ الغرض أنّ الرّدّ المذكور يحصل من العطف المذكور لا أنّه لا يحصل إلّا منه كي يحتاج إلى التّقييد.
(٧) أي ردّ السّامع عن كون حكمه خطأ إلى كون حكمه صوابا.
وقيل : ردّ السّامع عن الخطأ ، أي عن الاعتقاد غير المطابق للواقع إلى الصّواب أي إلى الاعتقاد المطابق للواقع.
(٨) فيكون قوله : «جاءني زيد لا عمرو» قصر قلب.
(٩) فيكون قوله : «جاءني زيد لا عمرو» قصر إفراد.