[وأمّا تقديمه] أي تقديم المسند إليه (١) [فلكون ذكره أهمّ (٢)] ولا يكفي في التّقديم مجرّد ذكر الاهتمام ، بل لا بدّ من أن يبيّن أنّ الاهتمام من أيّ جهة ، وبأيّ سبب ، فلذا (٣) فصّله بقوله : [إمّا لأنّه] أي تقديم المسند إليه [الأصل] لأنّه المحكوم عليه ولا بدّ من تحقّقه (٤) قبل الحكم فقصدوا (٥) أن يكون في الذّكر أيضا (٦) مقدّما [ولا مقتضى للعدول عنه] أي عن ذلك الأصل ، إذ لو كان أمر يقتضي العدول عنه فلا يقدّم (٧) ،
______________________________________________________
(١) أي على مسنده ، ثمّ المراد من المسند إليه ههنا هو المبتدأ ، لا الأعمّ منه ومن الفاعل ، لأنّ رتبة الفاعل البعديّة ، ومن تقديمه إيراده أوّل النّطق.
فاندفع به ما في الكشّاف من الاعتراض على تقديم المسند إليه على المسند ، وملخّص الاعتراض أنّه إنّما يقال : مقدّم أو مؤخّر للمزال من مكانه لا للقارّ في مكانه والمسند إليه مكانه قبل المسند ، فهو قائم في محلّه ، فلا يصحّ أن يقال : إنّه مقدّم.
(٢) أي أهمّ عند المتكلّم من ذكر باقي أجزاء الكلام بأن تكون العناية بذكره أكثر من العناية بذكر غيره.
(٣) أي لأجل عدم الاكتفاء في التّقديم بمجرّد ذكر الاهتمام فصّله بقوله : «إمّا لأنّه أي تقديم المسند إليه الأصل» لأنّ المسند إليه في الغالب ذات والمسند صفة ، والذّات مقدّم على الصّفة في الوجود الخارجيّ ، فناسب أن يراعى ذلك في الوجود اللّفظيّ أيضا.
(٤) أي لا بدّ من وجود المسند إليه قبل وجود الحكم أعني المحكوم به في الخارج ، إن كان من الأمور الخارجيّة ، وفي الذّهن إن كان من الأمور العقليّة الذّهنيّة ، وفي اللّفظ أيضا ، وذلك لما ذكرناه من أنّ المحكوم عليه موصوف ، والحكم صفة والموصوف يجب تحقّقه قبل تحقّق صفته لما هو المعروف من ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له ، فثبوت الصّفة فرع ثبوت الموصوف ، والمتحصّل من الجميع أنّ ثبوت المحمول للموضوع فرع ثبوت الموضوع ، فإن كان ثبوت المحمول للموضوع خارجا ، فهو فرع الموضوع الخارجي وإن كان ذهنا ففرع الثّبوت الذّهني.
(٥) أي العلماء.
(٦) أي كتحقّقه قبل الحكم في الواقع «مقدّما».
(٧) أي فلا يقدّم المحكوم عليه نظرا إلى وجود أمر يقتضي العدول عن الأصل «كما