يعني بعضهم يقول بالمعاد ، وبعضهم لا يقول به [وإمّا لتعجيل المسرّة (١) أو المساءة للتّفاؤل] علّة لتعجيل المسرّة (٢) [أو التّطيّر] علّة لتعجيل المساءة [نحو : سعد في دارك (٣)]
______________________________________________________
الجسماني ، كما في بعض الشّروح ، وبعضهم داعيا للخلائق إلى الهداية كالمتكلّمين ، لأنّهم يقولون بالمعاد الجسماني.
فإن قلت : فكيف تكون البريّة في حيرة مع أنّ البعض قائل بالبعث جزما والبعض منكر له كذلك.
قلت : إنّ الحيرة في كيفيّته لا في أصله كما أشار إلى ذلك بقوله : إنّ أبدان الأموات كيف تحيى من الرّفات أعني الحطام ، وهو ما يكسر من اليبس على أنّ الاختلاف الصّادر من المجموع من حيث هو مجموع أثر الحيرة ، وإن كان كلّ من الفريقين جازما في مذهبه.
ويمكن أن يقال : إنّ حيرة البريّة بمعنى الاضطراب والاختلاف من باب ذكر الملزوم وإرادة اللّازم ، لأنّ الحيرة في الشّيء يلزمها الاختلاف.
وقيل : إنّ المراد باستحداث الحيوان خلقه من الجماد ، فلا يرتبط بمسألة المعاد أصلا.
وقيل : إنّه آدم حيث خلقه الله تعالى من التّراب وهو جماد ، وقيل : ناقة صالح عليهالسلام ، وقيل : عصا موسى عليهالسلام ، وقيل هو طائر في بلا الهند يسمّى فقنس يضرب به المثل في البياض ، له منقار طويل يعيش ألف سنة ، ثمّ يلهمه الله تعالى بأنّه يموت ، فيجمع الحطب حواليه ، فيضرب بجناحيه على الحطب حتّى يخرج منه النّار ، فيشتعل منها الحطب ، ويحترق هو ، فيخلق الله من رماده بعد مدّة.
(١) «المسرّة» من السّرور ، أي تقديم المسند إليه إنّما هو لتعجيل مسرّة السّامع وفرحه ، أو لتعجيل المساءة أي الحزن والهمّ والغمّ.
(٢) لأنّ التّفاؤل يستعمل في الخير كما أنّ «التّطيّر» يستعمل في الشّرّ ، فيكون علّة لتعجيل المساءة ، ثمّ المراد بالعلّة هنا السّبب والمنشأ ، وتوضيح ذلك إنّ اللّفظ الّذي افتتح به الكلام إذا كان دالا على ما تميل إليه النّفس أو تنفر عنه تفاءل منه السّامع ، أو تطيّر أي تبادر إلى فهمه حصول الخير أو الشّرّ ، فينشأ من ذلك ، أي من التّفاؤل أو التّطيّر من اللّفظ المفتتح به تعجيل المسرّة أو المساءة.
(٣) مثال للتّفاؤل ، وسعد هنا علم واسم رجل وإلّا لم يجز الابتداء به لأنّه نكرة بلا