وسيرد عليك (١) تحقيق معنى التّقوّي [وكذا (٢) إذا كان الفعل منفيّا] فقد يأتي التّقديم للتّخصيص ، وقد يأتي للتّقوّي ، فالأوّل (٣) نحو : أنت ما سعيت في حاجتي ، قصدا إلى تخصيصه (٤) بعدم السّعي والثّاني (٥) [نحو : أنت لا تكذب] وهو (٦) لتقوية الحكم المنفي وتقريره [فإنّه (٧) أشدّ لنفي الكذب من لا تكذب] لما فيه من تكرار الإسناد المفقود في لا تكذب (٨) ،
______________________________________________________
(١) أي يأتي في باب المسند عند قوله : «وأمّا كونه جملة فللتّقوّي» تحقيق معنى التّقوّي.
(٢) عطف على مقدّر ، تقديره : وقد يأتي للتّخصيص ، وقد يأتي لتقوية الحكم إذا كان الفعل مثبتا ، وكذا يأتي للتّخصيص وتقوية الحكم إذا كان الفعل منفيّا.
(٣) أي مثال الأوّل ، أي تقديم المسند إليه لقصد التّخصيص.
(٤) أي تخصيص المسند إليه بعدم السّعي ، ثمّ هذا الكلام يقال ، فيما إذا كان المخاطب يعلم أنّ هناك عدم سعي في حاجة المتكلّم ، ويعتقد أنّه يختصّ بغيره ، أو اشتراكا فيه ، فعلى الأوّل قصر قلب ، وعلى الثّاني قصر إفراد ، والمعنى أنت مختصّ بعدم السّعي لا غير وحده ولا معك.
(٥) أي مثال الثّاني ، أي تقديم المسند إليه لقصد تقوية الحكم «نحو : أنت لا تكذب».
(٦) أي التّقديم في المثال لتقوية الحكم المنفيّ ، كما أنّه في نحو : هو يعطي الجزيل ، لتقوية الحكم المثبت ، لأنّ الحكم أعمّ من أن يكون مثبتا أو منفيّا.
(٧) أي قوله : «أنت لا تكذب» ، «أشدّ لنفي الكذب من لا تكذب» ثمّ أشار الشّارح إلى وجه ذلك بقوله : «لما فيه» أي في نحو : «أنت لا تكذب» ، من تكرار الإسناد المفقود في «لا تكذب» لأنّ الفعل في «أنت لا تكذب» مسند مرّتين ، مرّة إلى المبتدأ ، ومرّة إلى الضّمير المستتر فهو بمثابة أن يقال : لا تكذب ، لا تكذب ، وقد يظهر من بيان علّة التّقوّي أنّ التّخصيص لا يخلو عن التّقوّي ، لأنّه مشتمل على الإسناد مرّتين ، إلّا أنّ التّقوّي في التّخصيص ليس مقصودا بالذّات ، بل حاصل بالتّبع.
(٨) إذ ليس في قوله : «لا تكذب» إلّا إسناد الفعل المنفيّ إلى فاعله المستتر فيه ، ففقد منه ما يحصل به التّأكيد ، وهو تكرير الإسناد.