بجعله (١) من باب (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)(١) (٢) أي على القول بالإبدال من الضّمير] يعني قدّر بأنّ أصل رجل جاءني ، جاءني رجل ، على أنّ رجل ليس بفاعل ، بل هو بدل من الضّمير في جاءني ، كما ذكر في قوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) إنّ الواو فاعل (وَالَّذِينَ ظَلَمُوا) بدل منه وإنّما جعله من هذا الباب [لئلّا ينتفي التّخصيص (٣) إذ لا سبب له]
______________________________________________________
ويصحّ عليه الحكم بدون اعتبار التّقديم والتّأخير ، نحو : بقرة تكلّمت ، فلا حاجة فيه إلى اعتبار التّخصيص بالتّقديم والتّأخير ولا بغيره.
(١) أي جعل السّكّاكي نجو : رجل قام ، أي جعله مثل (الَّذِينَ) في الآية ، فكما أنّ (الَّذِينَ) في الآية بدل من الواو على قول كذلك رجل في نحو : رجل قام كان بدلا عن الضّمير في (قام) حينما كان مؤخّرا ، فقدّم للتّخصيص.
(٢) الشّاهد : في أنّ (الَّذِينَ) بدل عن الفاعل ، وهو واو الجمع في (وَأَسَرُّوا) هذا على قول ، وأمّا على القول بأنّه مبتدأ و (وَأَسَرُّوا) خبر مقدّم ، وكذا القول بجعل (الَّذِينَ) فاعلا عن (وَأَسَرُّوا) والواو في (وَأَسَرُّوا) حرف زيد ليؤذن من أوّل وهلة أنّ الفاعل جمع ، وكذا على القول بجعل (الَّذِينَ) خبر مبتدأ محذوف ، أي هم الّذين ... ، فلا يكون مثال المنكر في المقام من باب (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ،) وإنّما جعل نحو : رجل جاءني من باب الإبدال عن الضّمير ومن باب (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) على القول بالإبدال «لئلّا ينتفي التّخصيص ...» ، فقوله : «لئلّا ينتفي التّخصيص» علّة لجعل السّكّاكي نحو : رجل جاءني من باب (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) الآية.
(٣) أي لئلّا ينتفي التّخصيص المسوّغ للابتداء بالنّكرة ، فالمراد من التّخصيص إمّا ما يصحّ به وقوع النّكرة مبتدأ أو المراد به الحصر أعني إثبات الحكم للمذكور ونفيه عن غيره ، وهو أنسب بمحلّ الكلام ، لكنّ الأوّل أوفق بما سينقله الشّارح عن السّكّاكي أنّه قال : إنّما ارتكب ذلك الوجه البعيد عند المنكر لفوات شرط الابتداء ، أي بالنّكرة ، ويردّه المصنّف فيما يأتي بأنّ التّخصيص المسوّغ للابتداء بالنّكرة لا ينحصر في جعل المنكّر من الباب المذكور ، بل يحصل بغيره كالتّعظيم والتّحقير والتّقليل والتّكثير.
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٣.