[فتجويز (١) تقديم المعنوي دون اللّفظي تحكّم] وكذا (٢) تجويز الفسخ في التّابع دون الفاعل تحكّم لأنّ (٣) امتناع تقديم الفاعل إنّما هو عند كونه فاعلا وإلّا (٤) فلا امتناع في أن يقال في نحو : زيد قام ، أنّه (٥) كان في الأصل قام زيد ، فقدّم زيد وجعل مبتدأ كما يقال في جرد قطيفة ، أنّ جردا كان في الأصل صفة ، فقدّم وجعل مضافا ،
______________________________________________________
وثالثا : إنّ الفاعل إذا فسخ عن الفاعليّة وقدّم ، يخلفه ضميره ، بخلاف التّابع فإنّه إذا قدّم لا يخلفه شيء ، واحترز المصنّف بقوله : «ما بقيا على حالهما» عمّا إذا فسخا ولم يبقيا على حالهما ، فإنّه لا امتناع في تقديمهما.
(١) أي فتجويز السّكّاكي تقديم الفاعل المعنوي مع بقائه على التّابعيّة دون اللّفظي مع بقائه على الفاعليّة «تحكّم» أي حكم بلا دليل ، أو ترجيح بلا مرجّح ، بل فيه ترجيح المرجوح على الرّاجح كما عرفت ، وكان الأولى للمصنّف أن يقول : فامتناع تقديم الفاعل اللّفظيّ دون المعنوي تحكّم.
(٢) هذا جواب عمّا يقال عن جانب السّكّاكي من الفرق بين الفرق بين التّابع ، أي الفاعل المعنوي وبين الفاعل اللّفظي. وحاصل الفرق هو جواز الفسخ عن التّابعيّة في التّابع وامتناع الفسخ عن الفاعليّة في الفاعل ، ولهذا قدّم التّابع ولم يقدّم الفاعل.
وحاصل الجواب : إنّ تجويز الفسخ في التّابع دون الفاعل اللّفظي تحكّم ، وحكم بلا دليل ، وذلك لعدم الفرق بينهما ، بل كلّ منهما يجوز فيه الفسخ والتّقديم لأنّ الفاعليّة غير لازم لذات الفاعل.
(٣) هذه العلّة ناظرة إلى المتن ، أي قوله : «فتجويز تقديم المعنويّ ...» أي «لأنّ امتناع تقديم الفاعل إنّما هو عند كونه» أي كون الفاعل فاعلا حال التّقديم.
(٤) أي وإن لم يكن المراد امتناع تقديم الفاعل حال كونه فاعلا ، فلا يصحّ لأنّه لا امتناع «في أن يقال في نحو : زيد قام ، أنّه كان في الأصل قام زيد ، فقدّم زيد وجعل مبتدأ» وجعل ضميره فاعلا بدله ، وهذا مثال لتقديم الفاعل بعد انسلاخه عن الفاعليّة ، وقوله : «كما يقال في جرد قطيفة ...» مثال لما إذا قدّم التّابع بعد انسلاخه عن التّابعيّة ، وجرد هنا مصدر بمعنى المفعول ، وهو بمعنى لا ريش له ، فأرض جرد ، أي لا نبت لها ، والمراد هنا بالفارسيّة (كهنه چادر) وبالعربيّة ثوب من القطن.
(٥) أي زيد قام كان في الأصل قام زيد.