السّكّاكي] تغمّده الله (١) بغفرانه [أعظم ما صنّف فيه (٢)] أي في علم البلاغة وتوابعها [من الكتب المشهورة] بيان لما صنّف [نفعا] تمييز (٣) من أعظم [لكونه] أي القسم الثّالث [أحسنها] أي أحسن الكتب المشهورة [ترتيبا (٤)] هو وضع كلّ شيء في مرتبته (٥)
______________________________________________________
(١) عبّر عن جعله مغفورا بتغمّده بالغفران كي يكون إشارة إلى تشبيهه بالسّيف القاطع بجامع الحدّة فإنّه كان ذا قريحة طيّارة وفكرة حادّة وذلك لأنّ الغمد هو غلاف السّيف ، يقال : أغمدت السّيف أي جعلته في غلافه.
وحاصل المعنى ستر الله ذنوب الفاضل العلّامة الّذي في جودة قريحته كالسّيف القاطع وحفظه عن المكروهات كما يحفظ السّيف بالغمد.
(٢) لفظ «ما» في قوله «ما صنّف» ليس موصولا حرفيّا لأنّ هذا القسم الثّالث ليس أعظم التّصانيف بل إنّما هو من أعظم المصنّفات والكتب ، فهي إمّا نكرة موصوفة بمعنى شيء أو موصوف اسمي عبارة عن الكتب لا عن كتاب ، بدليل أنّ المصنّف قد بيّنه بقوله : «من الكتب المشهورة».
(٣) أي تمييز عن نسبة أعظم إلى ما صنّف محوّل عن الفاعل أي أعظم نفعه ما صنّف فيه.
(٤) «ترتيبا» منصوب على التّمييز فيكون تمييز من نسبة أحسن إلى الضّمير المستتر فيه الرّاجع إلى القسم الثّالث ومحوّلا عن الفاعل ، فالتّقدير لكونه أحسن ترتيبه من ترتيبها.
(٥) أي التّرتيب عبارة عن وضع كلّ شيء في مرتبته.
ولا يقال : إنّ التّفسير المذكور للتّرتيب ممّا لا أساس له بل هو مستحيل وذلك لأن الضّمير في مرتبته إمّا راجع إلى المضاف أعنى كلّ ، وإمّا راجع إلى المضاف إليه أي شيء وكلّ من الفرضين غير صحيح.
أمّا الأوّل : فلأنّه مستلزم لأن يكون التّرتيب عبارة عن وضع كلّ شيء في مرتبة كلّ شيء ولازم ذلك أن يكون الشّيء موضوعا في مرتبة نفسه ومرتبة غيره وهو مستحيل.
وأمّا الثّاني : فلأنّه مستلزم لأن يكون التّرتيب عبارة عن وضع الأشياء في موضع شيء واحد وهو كسابقه من الاستحالة.