والمقدّمة مأخوذة من مقدّمة الجيش (١)
______________________________________________________
والثّاني : لا فائدة لكون التّنوين للتّعظيم أو التّقليل إذ من نظر إلى صغر حجمها وقال : إنّ التّنوين للتّقليل ، ومن نظر إلى كثرة نفعها قال : إنّ تنوينها للتّعظيم. ثمّ الوجه المذكور مما لا فائدة فيه ، وذلك لصحّة اعتبارها بالاعتبارين المذكورين فيجمع بين القولين ويرتفع الخلاف من البين.
وقيل في وجه التّعظيم والتّقليل إنّ التّنوين للتّعظيم في خصوص هذه المقدّمة لأنّها فاقت المقدّمات باعتبار كونها مقدّمة لعلوم ثلاثة.
ووجه كونه للتّقليل أنّها مقتصرة على بيان الحاجة دون تعريف العلم وبيان موضوعه بخلاف غيرها من المقدّمات.
(١) أي هذه اللّفظة مأخوذة ومنقولة من مقدّمة الجيش الّتي هي معناها الحقيقي عرفا ، إلى معناها الاصطلاحي ، أو أنّها مستعارة منها له ، فالمراد من المقدّمة في قوله : «والمقدّمة مأخوذة» لفظها ، والمراد من مقدّمة الجيش معناها أي طائفة من الجيش تتقدّم عليه.
فحينئذ لا يرد ما قيل : من أنّه لا معنى لنقل اللّفظ المفرد عن المضاف واستعارته منه ، إذ لا بدّ من اتّحاد اللّفظ فيهما ، فلا بدّ أنّ يكون مراد الشّارح أنّ لفظ المقدّمة مأخوذة من لفظ مقدّمة الجيش بعد القطع عن الإضافة.
وجه عدم الورود أنّ الشّارح لم يقصد من مقدّمة الجيش لفظها حتّى يرد أنّه لا معنى لنقل لفظ المفرد عن المضاف بل أراد منها معناها. فمعنى كلامه أنّ لفظ المقدّمة منقول من طائفة من العسكر تتقدّم عليه إلى ما هو المراد منه اصطلاحا.
وكيف كان فلا بدّ من نقل الأقوال في المقدّمة. وقد نقل المرحوم العلّامة الشّيخ موسى البامياني رحمهالله فيها خمسة أقوال :
الأوّل : إنّها مستعارة من مقدّمة الجيش ، بمعنى أنّ لفظ المقدّمة الّذي هو حقيقة عرفيّة في طائفة من الجيش تتقدّم عليه قد استعمل في طائفة من الألفاظ الّتي تتقدّم على المقصود ، لكونها دالّة على معان مرتبطة به ، وتوجب زيادة البصيرة فيه بعلاقة المشابهة ، حيث إنّ تلك الطّائفة من الألفاظ تشابه طائفة من الجيش في التقدّم لغرض الانتفاع وزيادة البصيرة ، وهذا صريح كلام الزّمخشري في الفائق ، حيث قال : إنّ المقدّمة هي الجماعة الّتي تتقدّم