وما يلائم ذلك (١) ولا يخفى وجه ارتباط المقاصد بذلك (٢) والفرق بين مقدّمة العلم ومقدّمة (٣) ممّا يخفى على كثير من النّاس.
______________________________________________________
(١) كعلم البديع ، وبيان النّسبة بين الفصاحة والبلاغة وغير ذلك.
(٢) أي ارتباط الفنون الثّلاثة بما هو المذكور في المقدّمة.
(٣) وقد عرفت الفرق بينهما وأنّ مقدّمة الكتاب عبارة عن طائفة من الألفاظ ، ومقدّمة العلم عبارة عن معان يتوقّف عليها الشّروع فيه ، فالنّسبة بينهما هي المباينة الكلّيّة لأنّ المغايرة بين الألفاظ والمعاني ، كنار على منار ، فلا شيء من مقدّمة الكتاب بمقدّمة العلم ، ولا شيء من مقدّمة العلم بمقدّمة الكتاب. ومن هنا يظهر أنّ النسبة بين معنى مقدّمة الكتاب ولفظ مقدّمة العلم أيضا هي التّباين.
نعم ، إنّ النسبة بين مقدّمة العلم ومعنى مقدّمة الكتاب هي العموم من وجه ، فإنّ مقدّمة العلم خاصّة من ناحية كونها منحصرة فيما يتوقّف عليه الشّروع ، وعامّة من ناحية عدم اعتبار التقدّم فيها على ما ذكره الشّارح ، حيث قال : «يقال مقدّمة العلم يتوقّف عليه الشّروع في مسائله» ولم يقل لطائفة من المعاني تتقدّم على المقصود ، لتوقّفه عليها.
ومعنى مقدّمة الكتاب بالعكس ، فإنّه خاصّ من جهة اعتبار التقدّم فيه وعامّ من جهة عدم كونه منحصرا فيما يتوقّف عليه الشّروع ، بل يعتبر فيه مجرّد كونه مرتبطا بالمقصود وموجبا للبصيرة فيه فيتصادقان معا في الحدّ والغاية إذا ذكرا أمام المقصود ، وتصدق مقدّمة العلم عليهما دون مقدّمة الكتاب إذا ذكرا في الوسط أو الآخر ، ويصدق معنى مقدّمة الكتاب دون مقدّمة العلم فيما يذكر قبل المقصود ، لكونه موجبا لزيادة البصيرة ، وإن لم يتوقّف عليه الشّروع كتعريف الفصاحة والبلاغة وغيره ممّا ذكر في مقدّمة هذا الكتاب ، والنّسبة بين لفظ مقدّمة العلم ونفس مقدّمة الكتاب أيضا هي العموم من وجه بعين البيان المذكور ، غاية الأمر الملحوظ في الفرض الأوّل كان جانب المعنى من مقدّمة الكتاب بالقياس إلى نفس مقدّمة العلم ، وفيه الملحوظ جانب نفس مقدّمة الكتاب بالنّسبة إلى لفظ مقدّمة العلم ، فيتصادقان في الألفاظ الدّالّة على الحدّ والغاية إذا كانت مذكورة في أوّل الكتاب ، وتصدق الأولى دون الثّانية على ألفاظ تدلّ على معان لها ربط بالمقصود من دون أن يكون متوقّفا عليها ، وتصدق الثّانية دون