[فالفصاحة في المفرد] قدّم (١) الفصاحة على البلاغة لتوقّف معرفة البلاغة على معرفة الفصاحة لكونها مأخوذة في تعريفها ثمّ قدّم فصاحة المفرد على فصاحة الكلام والمتكلّم لتوقّفهما (٢) عليها [خلوصه] أي خلوص المفرد من [تنافر الحروف والغرابة ومخالفة القياس اللّغوي] أي المستنبط من استقراء اللّغة (٣)
______________________________________________________
(١) قدّم المصنّف تعريف أقسام الفصاحة على تعريف أقسام البلاغة لتوقّف إدراك البلاغة وتصوّرها من حيث المفهوم على إدراك الفصاحة. ثمّ علّة التوقّف هو ما أشار إليه الشّارح بقوله «لكونها مأخوذة في تعريفها» أي لكون الفصاحة مأخوذة في تعريف البلاغة حيث قيل في تعريف البلاغة في الكلام على ما سيأتي ، من أنّ البلاغة في الكلام مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته ، وكذلك بلاغة المتكلّم تتوقّف على فصاحة الكلام والمفرد تصوّرا ، لأنّها عبارة عن ملكة يقتدر بها على تأليف كلام بليغ ، وهو عبارة عن كلام فصيح مطابق لمقتضى الحال ، والكلام الفصيح عبارة عن الكلام الخالص عن ضعف التّأليف والتّعقيد والتّنافر مع فصاحة كلماته ، فعنوان البليغ متضمّن لفصاحة الكلام والمفرد ، ولازم ذلك كون بلاغة المتكلّم متوقّفة تصوّرا على فصاحة الكلام وفصاحة المفرد ، وكذلك بلاغة المتكلّم تتوقّف على فصاحته تحقّقا ، لا يستطيع على تأليف نوع الكلام البليغ إلّا من يقتدر على تأليف نوع الكلام الفصيح.
(٢) أي لتوقّف فصاحة الكلام والمتكلّم على فصاحة المفرد غاية الأمر أنّ توقّف فصاحة الكلام على فصاحة المفرد إنّما هو بلا واسطة ، وأمّا توقّف فصاحة المتكلّم على فصاحة المفرد فبواسطة أخذ فصاحة الكلام في تعريف فصاحة المتكلّم ، وقد عرفت توقّف فصاحة الكلام على فصاحة المفرد ثمّ المتوقّف على المتوقّف على الشّيء متوقّف على ذلك الشّيء ، ففصاحة المتكلّم المتوقّفة على فصاحة الكلام المتوقّفة على فصاحة المفرد متوقّفة على فصاحة المفرد بقياس المساواة.
(٣) قد حصر المصنّف فصاحة المفرد في خلوصه من الأمور الثّلاثة ، ثمّ وجه الحصر أنّ كلّ مفرد له مادّة وهي حروفه ، وصورة هي صيغته ، ودلالة على معناه. فعيبه إمّا في مادّته ، وهو التّنافر أو في صيغته وهو مخالفة القياس ، أو في دلالته على معناه وهو الغرابة ، ويمكن إجراؤه في الكلام أيضا فيقال : إنّ له مادّة هي كلماته ، وصورة هي