من قرب المخارج أو بعدها أو غير ذلك ، على ما صرّح به (١) ابن الأثير (١) في المثل السّائر (٢) وزعم بعضهم (٣) أنّ منشأ الثّقل في مستشزرات هو توسّط الشين المعجمة الّتي هي من المهموسة الرّخوة بين التّاء الّتي هي من المهموسة الشّديدة وبين الزّاء المعجمة الّتي هي من المجهورة ولو قال مستشرف لزال ذلك الثّقل (٢)
______________________________________________________
آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ)(٤) وقيل إنّ في (أَلَمْ أَعْهَدْ) ثقلا من جهة قرب المخارج أو كان الثّقل من جهة بعد المخارج كملع بمعنى أسرع حيث فيه ثقل من جهة بعد المخارج «أو غير ذلك» كتوسّط الشّين بين التاء والزاء كما يأتي.
وحاصل الكلام أنّ الضابط في ضبط تنافر الحروف هو الذّوق وهو قوة يدرك بها لطائف الكلام ووجوه تحسينه فكلّ ما عدّه الذّوق السّليم ثقلا متعسّر النّطق كان ثقيلا وما لا يعدّه ثقيلا لا يكون ثقيلا ، إذ ما قيل : من أنّ الضابط المعوّل عليه هو قرب المخارج أو بعدها غير مطّرد ، لأنّا نجد عدم التّنافر مع قرب المخارج كالجيش والشّجو ومع بعدها كعلم مثلا ، فما قيل في وجه ذلك : من أنّه إذا بعدت المخارج فالنّطق بها كالطفرة وإذا قربت فالنّطق بها كالمشي في القيد غير صحيح.
وبالجملة إنّ كل واحد من قرب المخارج وبعدها غير مطّرد فلا يكون ضابطا.
(١) أي الضّابط.
(٢) يتوقّف ما زعمه البعض على مقدّمة : وهي معرفة مخارج الحروف ومعرفة ما لها من الأقسام من حيث الهمس والجهر ونحوهما. فنقول : إنّ الحروف باعتبار أوصافها تنقسم إلى تقاسيم :
منها : تقسيمها إلى المهموسة والمجهورة فالمجهورة تسعة عشر حرفا ، وهي : (ظل قوربض إذ غزا جند مطيع) ، وإنّما سمّيت هذه الحروف مجهورة لأنّ اللّافظ يشبع الاعتماد في مخرجها ، فمن إشباع الاعتماد يحصل ارتفاع الصّوت ، والجهر هو رفع الصّوت فلا يتهيّأ النطق بها إلّا كذلك ويعرف ذلك من التّلفّظ بالقاف مكرّرا بالحركة نحو ققق
__________________
(١) هو الإمام الفاضل الوزير ضياء الدّين أبو الفتح نصر الله بن محمّد بن محمّد.
(٢) اسم كتاب في البلاغة وقيل : في اللّغة.
(٣) وهو الخلخالي.
(٤) سورة يس : ٦٠.