تفرقة بين طويل وقصير ، على أنّ هذا القائل فسّر الكلام بما ليس بكلمة (١) ،
______________________________________________________
الفصاحة لا يرجع إلى محصّل صحيح ، وذلك لاشتراطهم في فصاحة الكلام مطلقا فصاحة كلماته من دون فرق بين الكلام الطّويل والقصير ، فما ذهب إليه من التّفرقة بين الطويل والقصير تحكّم من عند نفسه.
وبعبارة واضحة أنّ فصاحة الكلمات قد أخذت في تعريف فصاحة الكلام كما سيأتي من المصنّف حيث قال في تعريف فصاحة الكلام : «الفصاحة في الكلام خلوصه من ضعف التّأليف وتنافر الكلمات والتّعقيد مع فصاحتها» أي الكلمات ، ولازم ذلك أنّ انتفاء فصاحة الكلمة موجب لانتفاء فصاحة الكلام لكونها جزء ركنيّا لها ، لمكان كونها مأخوذة في تعريفها.
لا يقال : إنّ ما أخذ في تعريف فصاحة الكلام إنّما هو فصاحة جميع الكلمات ، ولازم ذلك عدم انتفاء فصاحته بانتفاء فصاحة كلمة واحدة لعدم كونها مأخوذة في تعريفها.
لأنّا نقول : إنّ فصاحة كلمة واحدة جزء من فصاحة جميع كلمات الكلام ، وفصاحة جميع كلمات الكلام جزء لفصاحة الكلام ، ففصاحة كلمة واحدة أيضا جزء لفصاحة الكلام ، فإنّ جزء جزء شيء جزء لذلك الشّيء ، فانتفاء فصاحة كلمة واحدة موجب لانتفاء فصاحة الكلام ، لأنّ انتفاء الجزء يوجب انتفاء الكلّ.
(١) قوله : «على أنّ ...» إشارة إلى الوجه الثّالث ، وكلمة «على» بمعنى مع ، أي مع أنّ هذا القائل فسّر الكلام فيما سبق أي في تقسيم الفصاحة «بما ليس بكلمة» فيشمل المركّب النّاقص كقولنا غلام زيد ، لأنّه ليس بكلمة ، وحينئذ يجب أن يكون كلّ كلمة لمطلق المركّب فصيحة ، لأنّ مطلق المركّب كلام عند هذا القائل وقد اعتبر في فصاحة الكلام فصاحة كلماته ، فإذا اشتمل المركّب ـ ناقصا كان أو تامّا ـ على كلمة غير فصيحة فهو غير فصيح ويكون الفساد في أمرين ، وأمّا على تفسير الشّارح فالمركّب النّاقص داخل في المفرد فلا يعتبر فيه أن تكون كلماته فصيحة ، فالفساد حينئذ يختصّ بالمركّب التّامّ لاعتبار فصاحة الكلمات في تعريف فصاحته. هذا ملخّص الكلام في الوجه الثّالث من وجوه الإشكال على ما ذكره الزّوزني.