والقياس على الكلام العربيّ ظاهر الفساد (١) ، ولو سلّم (٢) عدم خروج السّورة عن الفصاحة فمجرّد اشتمال القرآن على كلام غير فصيح بل على كلمة غير فصيحة ممّا يقود إلى نسبة الجهل أو العجز إلى الله تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا (٣). [والغرابة] كون الكلمة وحشيّة غير ظاهرة المعنى (٤) ، ولا مأنوسة الاستعمال (٥)
______________________________________________________
(١) هذا الكلام إشارة إلى الوجه الرّابع ، وحاصل الكلام فيه : أنّ قياس الكلام الفصيح بالكلام العربيّ قياس مع الفارق ، لأنّ فصاحة الكلمات شرط في فصاحة الكلام ، وعربيّتها ليست شرطا في الكلام العربيّ ، فكون الكلمة غير عربيّة لا يضرّ في الكلام العربيّ ، فمعنى الآية (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) أي عربيّ النّظم والأسلوب لا عربيّ الكلمات والمفردات.
(٢) أي لو سلّم المدّعى ، وهو عدم خروج السّورة عن الفصاحة مع اشتمالها على كلام غير فصيح أو كلمة غير فصيحة ، يلزم محذور آخر وهو نسبة الجهل أو العجز إلى الله تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا ، لأنّ عدم الإتيان بكلام فصيح إمّا لعدم علمه تعالى بأنّه غير فصيح أو لعدم علمه بأنّ الفصيح أولى ، فيلزم الجهل ، وإمّا لعدم قدرته على إبدال غير الفصيح بالفصيح ، فيلزم العجز.
(٣) أي تنزّه عن الجهل أو العجز تنزّها كبيرا. وكان على الشّارح أن يذكر السّفه عاطفا على العجز تتميما لجميع المحتملات ، لاحتمال أن يكون اشتماله على غير الفصيح لغرض غير عقلائي ، وإن كان عالما بأنّه غير فصيح ، وأنّ الفصيح أولى منه ، وإرجاع السّفه إلى الجهل لا يخلو عن تكلّف.
(٤) تفسير للوحشيّة والمراد بعدم ظهور معناها أن لا ينتقل الذّهن منها إلى معناها الموضوع له بسهولة.
(٥) عطف على قوله : «غير ظاهرة المعنى» وأعاد النفي المستفاد من كلمة غير في المعطوف عليه كقوله تعالى : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) للإشارة إلى أنّ كلّ واحد ظاهر المعنى عند أبناء المحاورة لمكان عدم كونه مشهور الاستعمال عندهم ، وإلّا فلا وجه منها على حياله مخلّ بالفصاحة لا بالمجموع من حيث المجموع حتّى يكون المضرّ اجتماعهما لا كلّ واحد منهما بانفراده ، وعطف قوله : «ولا مأنوسة الاستعمال» على قوله : «غير ظاهرة المعنى» من قبيل عطف السّبب على المسبّب لأنّ عدم كون اللّفظ لعدم كونه