منطلقا ، هو منطلقا لا كان (١)] لأنّ منطلقا هو نفس (٢) المسند ، وكان قيد له للدّلالة على زمان النّسبة ، كما إذا زيد منطلق في الزّمان الماضي. [وأمّا تركه] أي ترك التّقييد [فلمانع منها] أي من تربية الفائدة ، مثل (٣) خوف انقضاء المدّة والفرصة ، أو إرادة ألّا يطّلع الحاضرون على زمان الفعل ، أو مكانه أو مفعوله أو عدم العلم بالمقيّدات ، أو نحو ذلك (٤).
______________________________________________________
(١) وحاصل الجواب : إنّا لا نسلّم أنّ هذا من قبيل تقييد الفعل بمفعول الّذي كلامنا فيه ، بل هو من قبيل تقييد شبه الفعل بفعل ، وهذا لا كلام لنا فيه ، وحينئذ فلا اعتراض.
(٢) أي لأنّه هو الدّال على الحدث ، والمسند إنّما هو الدّال على الحدث ، بخلاف كان فإنّها إنّما تدلّ على الزّمان ، ولا دلالة لها على الحدث ، كما قال السّيد شريف وغيره ، وحينئذ يفيد ذلك المسند بمفاد كان وهو الزّمان الماضي ، فيفيد الكلام أنّ الانطلاق لزيد كان فيما مضى ، فكأنّك زيد منطلق في الزّمان الماضي ، فالحاصل إنّ منطلقا نفس المسند ، لأنّ أصل التّركيب زيد منطلق ، وكان إنّما ذكرت لدلالتها على زمان النّسبة ، فهي باعتبار دلالتها على الزّمان قيد ل «منطلقا» ، فحصل في المثال تربية الفائدة ، وزال الشّك.
(٣) مثال للمانع ، وقد ذكر لوجود المانع أمثلة متعدّدة :
الأوّل : هو خوف انقضاء الفرصة كقولك لصيّاد : غزال.
الثّاني : أن يريد المتكلّم» أن لا يطّلع الحاضرون على زمان الفعل أو مكانه ...» كقولك : زيد فعل كذا ، من غير قيد لإخفائه عن الحاضرين ، وقولك : ضرب زيد ، من غير ذكر المفعول لإخفائك إيّاه عن الحاضرين.
الثّالث : أن لا يعلم المتكلّم بالمقيّدات ، أي يعلم أنّ زيدا ضرب ، ولكن لا يعلم من ضربه ، ولا أين ضرب ، ولا متى ضرب ، ولا لم ضرب ، ولا كيف ضرب ، إلى غير ذلك؟
(٤) كمجرّد الاختصار حيث اقتضى المقام لضيق أو ضجر أو خوف أن يتصوّر المخاطب أنّ المتكلّم كثير الكلام فيستهان ، إذ كثرة الكلام دليل على البلاهة ، ولذا قيل : إنّ الرّجل إذا كثر عقله قلّ كلامه.