[وأمّا تقييده] أي الفعل (١) [بالشّرط (٢)] مثل أكرمك إن تكرمني ، وإن تكرمني أكرمك (٣) [فلاعتبارات (٤)] شتّى وحالات تقتضي تقييده به. [لا تعرف إلّا بمعرفة ما بين
______________________________________________________
(١) كان الأولى إرجاع الضّمير إلى المسند حتّى يناول ما يشبهه الفعل ، كما في قولك : إن كانت الشّمس طالعة فالنّهار موجود ، فإنّ الموجود قد قيد بالشّرط ، وهو شبه فعل ، إلّا أن يقال : إنّ إرجاعه إلى الفعل لكونه الأصل.
نعم كان الأولى أن يقدّم هذا على حالة ترك التّقييد ، ويؤخّر ترك التّقييد ، لتجري القيود الوجوديّة على سنن واحد ، لأنّ التّقييد بالشّرط في قوة المفعول فيه كما يعلم من قوله الآتي بمنزلة قولك : أكرمك وقت مجيئك إيّاي ، إلّا أن يقال إنّ التّقييد به كان محتاجا إلى بسط وتفصيل ، بخلاف التّرك حيث يكون مختصرا ، ثمّ الأحسن هو تقديم المختصر على المبسوط المفصّل.
(٢) إنّ الشّرط بحسب اصطلاحهم تارة يطلق على أداة الشّرط ، وأخرى على نفس التّعليق الّذي هو مدلول الأداة ، وثالثة على فعل الشّرط ، وأمّا إطلاقه على مجموع الشّرط والجزاء ، أو على فعل الشّرط مع الأداة ، أو على الجزاء فلم يعهد ، والمراد به في المقام فعل الشّرط بقرينة ما سيأتي من جعلهم له قيدا للجزاء.
(٣) أتى بالمثالين للإشارة إلى عدم الفرق بين كون الجزاء مقدّما على الشّرط أو مؤخّرا عنه في كون الشّرط قيدا له ، وليس للإشارة إلى عدم الفرق في ذلك بين الجزاء المذكور والجزاء المحذوف ، لأنّ البصريّين من النّحاة ، وإن التزموا بكون الجزاء في نحو : أكرمك إن تكرمني محذوفا ، لعدم جواز تقديم الجزاء على حروف الشّرط ، لكونها ممّا له صدارة لكنّ المعانيّين سلكوا في ذلك مسلك الكوفيّين ، والتزموا بجواز التّقديم ، وعدم الصّدارة لها.
والشّاهد على ذلك ما سيأتي من الشّارح في بحث الإيجاز والإطناب والمساواة من أنّ المتقدّم عند المعانيّين نفس الجزاء لا الدّال عليه ، فحينئذ الإتيان بالمثالين إشارة إلى عدم الفرق بين المتقدّم والمتأخّر من الجزاء لا إلى عدم الفرق بين المذكور والمحذوف منه.
(٤) أي فلمعتبرات ، وهي النّكات المترتّبة على التّقييد بأداة الشّرط ، وإنّما فسّرنا بذلك لقوله : «وحالات تقتضي تقييده به» أي بالشّرط ، وتلك الحالات هي تعليق مضمون الجملة بحصول مضمون جملة أخرى إمّا في الماضي ، كما في لو ، أو في الاستقبال ، إمّا مع الجزم كما في