وإذا ولو] لأنّ فيها أبحاثا كثيرة ، لم يتعرّض لها في علم النّحو [فإن وإذا للشّرط (١)
______________________________________________________
وحاصل الدّفع أنّه لا بدّ من النّظر في مباحثها الكثيرة الغير المتعرّض بها في علم النّحو ، لضيق المحلّ مع أنّ فيها من الفائدة لو أهملت ههنا أيضا لفاتت تلك الفائدة.
وأما اختصاص النّظر بإن وإذا ولو ، دون غيرها من كلمات الشّرط ، فلكثرة دورانها في كلام البلغاء ، وفي القرآن العزيز ، مع ما يتعلّق بها من المعاني الدّقيقة المشتملة عليها القرآن ، وقد تركوها في علم النّحو ، هذا ما قد أشار إليه الشّارح بقوله : «لأنّ فيها أبحاثا ...» ، أي في هذه الثّلاثة أبحاث كثيرة ، لم يتعرّض لتلك الأبحاث في علم النّحو.
(١) الشّرط هو تعليق شيء بشيء ، بحيث إذا وجد الأوّل يوجد الثّاني ، وهذا قدر مشترك بين الأدوات كلّها ، والافتراق بين إن وإذا وبين غيرهما بحسب الزّمان ، ولهذا قيّد بقوله : في الاستقبال ، حتّى يفترقا عن سائر الأدوات.
فحاصل الكلام في المقام إنّ إن وإذا للشّرط في الاستقبال ، أي لتعليق حصول مضمون جملة الجزاء على حصول مضمون جملة الشّرط في الاستقبال ، سواء دخلتا على صيغة المستقبل ، كقولك : إن تضرب أضرب ، أو على صيغة الماضي كقولك : إن قمت قمت ، فلفظ الشّرط بالمعنى المصدري ، وفي الاستقبال متعلّق بالحصول الثّاني الّذي يتضمّنه لفظ الشّرط لا بالتّعليق ، لأنّه في الحال ولا بالحصول الأوّل ، لأنّه معلّق على الحصول الثّاني.
وقد أشار إلى الفرق بين إن وإذا بقوله : «لكن أصل إن عدم الجزم بوقوع الشّرط» ، وحاصل الفرق بينهما بعد اشتراكهما في التّعليق في الاستقبال ، أنّ إن تستعمل في مقام عدم جزم المتكلّم بوقوع الشّرط في اعتقاده حين يعلّق به الجزاء ، وإذا تستعمل في مقام جزمه بوقوعه في اعتقاده حين يعلّق به الجزاء.
ثمّ المراد بعدم الجزم الشّك في وقوعه ، وتوهّم وقوعه في المستقبل ، فيصدق على الظّنّ بالوقوع ، وعلى الجزم بعدم الوقوع ، توضيح ذلك أنّ الفعل الاستقباليّ له خمسة أحوال : فإنّه إمّا مجزوم الوقوع في المستقبل ، وإمّا مظنون الوقوع فيه ، وإمّا مشكوك الوقوع فيه ، وإمّا موهوم الوقوع فيه ، وإمّا مجزوم عدم وقوعه فيه ، فإذا تستعمل في الحالة الأولى والثّانية ، وإن تستعمل في الحالة الثّالثة والرّابعة ، وأمّا الحالة الخامسة فلا يستعمل فيها شيء منهما ، إذ لا معنى لتعليق حصول شيء بحصول شيء يجزم بعدم حصوله ، إلّا أن ينزّل بمنزلة ما