(وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) إذ لو لا التّعريض لكان المناسب أن يقال : وإليه أرجع على ما هو الموافق للسّياق. [ووجه (١) حسنه] أي حسن هذا التّعريض (٢) [إسماع] المتكلّم [المخاطبين] الّذين هم أعداؤه [الحقّ] ،
______________________________________________________
وقد اعترض على المصنّف بأنّه قد تقدّم منه التّمثيل بهذه الآية ، للالتفات على مذهب السّكّاكي ، وهو عبارة عن التّعبير عن معنى اقتضاه المقام بطريق آخر ، غير ما هو الأصل فيه ، فيكون الالتفات من باب المجاز ، إذ اللّفظ المستعمل في هذا المعنى غير اللّفظ الّذي وضع بإزائه ، فعليه قوله تعالى : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) قد استعمل مجازا في «ما لكم لا تعبدون الّذي فطركم» ، فإذا لا يصحّ التّمثيل بالآية في المقام ، لأنّ اللّفظ في مقام التّعريض يكون مستعملا في ما وضع له ، لينتقل منه بالقرينة إلى المراد الجدّيّ ، وعلى الالتفات يكون مجازا ، والحمل على الحقيقة أولى.
وأجيب عن ذلك بوجهين : الأوّل : إنّ المراد بالالتفات هو كون التّعبير عن معنى بطريق غير ما هو الأصل لإفادة ذلك المعنى ولو بالقرائن ، فحينئذ يمكن اجتماع التّعريض والالتفات في كلام واحد ، فيصحّ التّمثيل بالآية لهما.
الثّاني : إنّ قوله تعالى (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ) يمكن أن يكون من باب المجاز ، ويمكن أن يكون من باب الكناية ، فإذا يصحّ التّمثيل به للالتفات على الاحتمال الأوّل ، وللتّعريض على الاحتمال الثّاني ، الظّاهر إنّ الآية من باب الكناية ، واحتمال كونها من باب المجاز موهون جدّا ، فالصّحيح هو الجواب الأوّل.
(١) هذا مرتبط بمحذوف ، أي والتّعريض حسن ، ووجه حسنه كذا.
(٢) الواقع في النّظير أعني قوله تعالى : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ ،) وليس المراد وجه حسن التّعريض مطلقا ، إذ لا يجري الوجه الّذي ذكره المصنّف أعني قوله : «لكونه أدخل في إمحاض النّصح ...» في قوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) إذ ليس فيه نصح ووعظ ، بل توبيخ وإظهار فضيحة بالإضافة إلى المشركين.