لجواز أن يكون اللّازم أعمّ ، وأنا أقول (١)
______________________________________________________
(١) أي في ردّ اعتراض ابن الحاجب والرّضي وغيرهما على المشهور.
وحاصل الرّدّ : إنّ لو على ما يستفاد من استقراء موارد استعمالها لها استعمالان :
أحدهما :
أن تكون للاستدلال العقليّ ، كما في الآية وهو ما إذا كان انتفاء الجزاء معلوما ، وانتفاء الشّرط غير معلوم ، فيؤتى بها للاستدلال على المجهول بالمعلوم ، فهي عندئذ للاستدلال بامتناع الثّاني على امتناع الأوّل.
ثانيهما :
أن تكون للتّرتيب الخارجي ، وإفادة أنّ علّة انتفاء الثّاني انتفاء الأوّل ، كما إذا كان كلّ من انتفاء الطّرفين معلوما ، لكن علّة انتفاء الثّاني كانت مجهولة ، فهي حينئذ لامتناع الثّاني لامتناع الأوّل ، وتكون القضيّة عندئذ شرطيّة صورة وحمليّة لبّا ، فمعنى قولنا : لو قام زيد لقام عمر ، وأنّ قيام عمرو انتفى في الخارج ، بسبب انتفاء قيام زيد ، ويكون هذا كلاما مع من كان عالما بانتفاء الجزاء ، وهو طالب ، أو كالطّالب لعلّة انتفائه في الخارج ، وأمّا علمه بأصل الانتفاء فقد حصل بدليل آخر ، كإخبار بيّنة ، أو إخبار ثقة ، أو مشاهدة حال ، والاستعمال الأوّل اصطلاح المناطقة ، والاستعمال الثّاني اصطلاح الأدباء ، فابن الحاجب فهم من قول أهل العربيّة «أنّها لامتناع الثّاني لامتناع الأوّل» ، بأنّها للاستدلال على امتناع الثّاني بامتناع الأوّل ، فأورد عليهم أنّ الأمر بالعكس ، وكذلك الرّضي ومن تبعهما ، ولم يهتدوا إلى أنّ مرادهم أنّها للدّلالة على العلّة في انتفاء الثّاني في الخارج انتفاء الأوّل ، وإلّا لما اعترضوا عليهم ، ولهذا قال الشّارح : إنّ منشأ هذا الاعتراض قلّة التّأمّل ، أي قلّة تأمّل ابن الحاجب ، ومن تبعه في كلام الجمهور ، وعبارتهم الصّادرة منهم ، وهو قولهم «لامتناع الثّاني لامتناع الأوّل».