وجواب (١) لو محذوف ، أي لرأيت (٢) أمرا فظيعا [لتنزيله (٣)] أي المضارع [منزلة الماضي (٤) لصدوره] أي المضارع أو الكلام [عمّن لا خلاف في إخباره] فهذه الحالة (٥) إنّما هي في القيامة ، لكنّها جعلت بمنزلة الماضي المتحقّق ، فاستعمل
______________________________________________________
(١) أي أتى الشّارح بهذا الكلام دفعا لما يقال : إنّ لو للتّمني ، وهي تدخل على المضارع ، وحينئذ فلا يصحّ الاستشهاد بهذه الآية على دخول لو الشّرطيّة على المضارع ، وحاصل الدّفع إنّا لا نسلّم أنّها هنا للتّمني ، بل هي شرطيّة وجوابها محذوف ، أي لرأيت أمرا فظيعا ، أي شنيعا تقصر العبارة عن تصويره.
(٢) قيل الأولى أن يقول : أي لترى أمرا فظيعا ، ليكون الجواب مطابقا للشّرط.
إلّا أن يقال : إنّه قدّر الماضي على طبق صاحب الكشاف ، رعاية لما هو مقتضى الظّاهر في لو ، وموافقة لقوله تعالى : (لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ) حيث يكون الجواب ، أعني (لَعَنِتُّمْ) فعلا ماضيا.
(٣) علّة لدخول لو على المضارع ، أي إنّما نزل المضارع من حيث اللّفظ والمعنى منزلة الماضي ، حتّى دخلت عليه لو التّي هي مختصّة بما هو ماض لفظا ومدلولا ، لصدور هذا المضارع عمّن لا خلاف في إخباره ، فلفظ المضارع الصّادر عنه كلفظ الماضي في الدّلالة على التّحقّق في الجملة ، فالمعنى الاستقبالي الّذي أخبر عنه بمنزلة المعنى الماضي في التّحقّق في الجملة.
(٤) علّة للتّنزيل ، أي وإنّما نزّل ذلك المعنى الاستقبالي منزلة الماضي لصدور الإخبار عن ذلك المعنى الاستقبالي بالفعل المضارع عمّن لا خلاف في إخباره ، وهو الله الّذي يعلم غيب السّماوات والأرض ، ولا يعزب عنه جلّ جلاله شيء.
(٥) أي رؤيتهم واقفين على النّار ، فاسم الإشارة إشارة إلى مضمون الآية ، ثمّ هذا إشارة إلى الاعتراض بأنّ هذه الحالة ، أي حالة وقوفهم على النّار مستقبلة ، استعمل فكيف فيها لو وإذ المختصّان بالأمور الماضيّة.
وقوله : «ولكنّها جعلت ...» إشارة إلى الجواب ، وحاصله : إنّ هذه الحالة وإن كانت مستقبلة ، لكنّها جعلت بمنزلة الماضي المتحقّق الوقوع لتيقّن وقوعها.