فيها (١) لو وإذ المختصّان (٢) بالماضي ، لكن عدل عن لفظ الماضي (٣) ولم يقل : ولو رأيت ، إشارة (٤) إلى أنّه (٥) كلام من لا خلاف في إخباره ، والمستقبل عنده بمنزلة الماضي في تحقّق الوقوع (٦) فهذا الأمر (٧) مستقبل في التّحقيق ، ماض بحسب التّأويل (٨)
______________________________________________________
وبعبارة واضحة إنّ هذه الحالة بما أنّ المولى الحكيم أخبر عنها أصبحت محقّقة كالأمور الماضية ، فاستعمل فيها ما يختصّ بالماضي مثل لو وإذ.
(١) أي في تلك الحالة كلمة لو وإذ بعد تنزيلها بمنزلة الماضي.
(٢) قوله : «المختصّان» صفة لو وإذ.
(٣) أي قوله : «عدل عن لفظ الماضي ...» تنبيه على نكتة أخرى ، وهي أنّ اللّفظ المستقبل الصّادر عمّن لا خلاف في إخباره بمنزلة الماضي المعلوم تحقّق معناه ، ويمكن أن يقال : لمّا كانت تلك الأمور ماضية تأويلا مستقبلة تحقيقا ، فروعي الجانبان معا ، فأتى بلو مراعاة لجانب التّأويل ، وصيغة المضارع مراعاة لجانب التّحقيق ، وقيل : إنّ في الكلام حذف وأصله ، وإن كان المناسب للتّنزيل المذكور وللو لفظ الماضي «لكن عدل ...».
(٤) علّة للعدول من لفظ الماضي إلى المضارع.
(٥) أي قوله تعالى : (وَلَوْ تَرى ،) والضّمير في «إخباره» و «عنده» عائد إلى «من» ، وهو الله.
(٦) فلفظ المضارع الصّادر عنه بمنزلة لفظ الماضي ، ويستوي عنده التّعبير بالماضي والمضارع ، فالتّعبير بأيّهما كالتّعبير بالآخر.
(٧) أي وقوف الكفّار على النّار «مستقبل في التّحقيق» ، لأنّه في يوم القيامة.
(٨) أي التّنزيل ، وكذلك لفظ (تَرى) مستقبل بحسب الواقع والتّحقيق ، وماض بحسب التّنزيل «كأنّه» أي الشّأن «قيل : قد انقضى هذا الأمر» أي وقوفهم على النّار ، والضّمير في «رأيته» عائد إلى الأمر.
لا يقال : إنّ المنافرة بين لو و (تَرى) تكون من حيث اللّفظ والمعنى ، وبينها وبين (وُقِفُوا) من حيث المعنى فقطّ ، وكذلك بين إذ و (وُقِفُوا) فتنزيل المضارع ، أعني (تَرى) منزلة الماضي لا يكفي في رفع إشكال المنافرة.
لأنّا نقول : إنا نلتزم بالتّنزيلين :
الأوّل : تنزيل (وُقِفُوا) معنى منزلة الماضي ، فنقول : إنّ حالة وقوفهم على النّار وإن كانت