[تأسيسا لا تأكيدا] لأنّ التّأكيد (١) لفظ يفيد تقوية ما (٢) يفيده لفظ آخر ، وهذا ليس كذلك (٣) لأنّ هذا المعنى (٤) حينئذ (٥) إنّما أفاده (٦) الإسناد إلى لفظ كلّ لا شيء آخر حتّى يكون كل تأكيدا له ، وحاصل هذا الكلام (٧) : إنّا لا نسلّم أنّه لو حمل الكلام بعد دخول كلّ على المعنى الّذي حمل عليه قبل كلّ كان كلّ للتّأكيد
______________________________________________________
(١) أي «لأنّ التّأكيد» الاصطلاحيّ ، فحذف الصّفة إنّما هو للعلم بها على ما يأتي بيانه في كلام الشّارح.
(٢) أي معنى يفيده لفظ آخر في تركيب واحد ، وإسناد واحد ، كجاء القوم كلّهم ، فلفظ كلّهم يفيد تقوية ما يفيد القوم ، وفي المقام ليس الأمر كذلك ، بل بطل الإسناد إلى الإنسان وقت الإسناد إلى كلّ ، ولذا قال : «وهذا ليس كذلك» أي لفظ كلّ ليس كذلك.
(٣) أي يفيد تقوية ما يفيده لفظ آخر.
(٤) أي النّفي عن الجملة في الصّورة الأولى بعد الإسناد إلى كلّ نحو : كلّ إنسان لم يقم ، والنّفي عن كلّ فرد في الصّورة الثّانية ، أي نحو : لم يقم كلّ إنسان.
(٥) أي حين الإسناد إلى كلّ كما عرفت.
(٦) أي المعنى المذكور أفاده الإسناد إلى لفظ كلّ بعد زوال الإسناد الأوّل «لا شيء آخر» أعني الإسناد إلى الإنسان حتّى يكون لفظ كلّ تأكيدا له.
(٧) أي الاعتراض والنّظر ، وحاصل النّظر : إنّ التّأكيد على قسمين : اصطلاحيّ ولغوي ، والفرق بينهما :
إنّ الأوّل : هو تقرير وتقوية ما يفيده الإسناد الأوّل مع بقائه وعدم زواله ، نحو : جاءني القوم كلّهم. وبعبارة أخرى : التّأكيد الاصطلاحيّ ما يفيده لفظ آخر في تركيب واحد ، وإسناد واحد.
والثّاني : أن يكون لفظ كلّ لإفادة معنى كلّ حاصلا قبله سواء كان في تركيب واحد أم لا ، بطل الإسناد الأوّل أم لا ، فالتّأكيد بالمعنى الثّاني أعمّ منه بالمعنى الأوّل الاصطلاحيّ.
فإذا عرفت الفرق بينهما فإنّا لا نسلّم أنّه لو حمل الكلام ـ أعني إنسان لم يقم ـ بعد دخول كلّ على المعنى الّذي حمل عليه قبل كلّ كان كلّ للتّأكيد ، أي لا نسلّم أن يكون لفظ للتّأكيد الاصطلاحيّ ، ولو حمل الكلام بعد كلّ على ما هو قبله لما عرفت من أنّ التّأكيد