فإن قلت : (١) المسند هو الظّرف أعني فيها والمسند إليه ليس بمقصور عليه ، بل على جزء منه ، أعني الضّمير المجرور الرّاجع إلى خمور الجنّة.
(٢) المقصود أنّ عدم الغول مقصور على الاتّصاف بفي خمور الجنّة لا يتجاوزه (٣)
______________________________________________________
(١) وحاصل الإشكال والاعتراض : إنّ المثال المذكور لا يكون مطابقا للممثّل فإنّ الممثّل هو كون تقديم المسند مفيدا لقصر المسند إليه على المسند ، وليس القصر في الآية كذلك ، فإنّه من قبيل قصر المسند إليه على جزء المسند ، وهو الضّمير المجرور الرّاجع إلى خمور الجنّة ، بقرينة قوله : «بخلاف خمور الدّنيا» فإنّه ناطق على أنّ عدم الغول قد خصّص بخمور الجنّة ، بإزاء خمور الدّنيا ، فإنّ المقابل لخمور الدّنيا هو خمور الجنّة لا الكينونة في خمور الجنّة ، مع أنّ الممثّل هو قصر المسند إليه على الظّرف ، وهو مجموع الجارّ والمجرور لا الضّمير المجرور فقط.
(٢) وحاصل الجواب عن الاعتراض المذكور إنّ عبارة المصنّف وإن كانت ظاهرة في أنّ المقصور عليه هو خمور الجنّة إلّا أنّ هذا الظّاهر ليس بمراد له ، بل مراده بقرينة أنّ الممثّل قصر المسند إليه على المسند ، وأنّ الحكم الثّابت للظّرف إنّما يثبت له باعتبار متعلّقه ، أنّ عدم الغول مقصور على الحصول في خمور الجنّة والكينونة فيها ، فإذن لا مجال للاعتراض المذكور.
(٣) أي لا يتجاوز الاتّصاف ، أعني كونه في خمور الجنّة إلى الكون في خمور الدّنيا ، فالمقصور عليه حقيقة هو الصّفة ، أي الكون في خمور الجنّة ، ولا حاجة إلى ذكر الاتّصاف حينئذ ، فيكون من قصر الموصوف على الصّفة ، ويكون القصر إضافيّا ، أي لا يتجاوز عدم الغول بفي خمور الجنّة ، إلى كون عدم الغول في خمور الدّنيا ، وإن كان يتجاوز إلى غيره من المشروبات كاللّبن والعسل.
ثمّ قول الشّارح «أنّ عدم الغول ...» بيان لحاصل المعنى ، لا الإشارة إلى أنّ الآية قضيّة معدولة الموضوع ، لأنّ كلمة لا إذا جعلت جزء للموضوع لا يصحّ الفصل بينهما بالخبر ، وأنّه قد صرّح الشّارح في بحث المساواة بأنّ تقديم الخبر على المبتدأ في مثل في الدّار رجل ، لا يفيد الاختصاص لكونه مصحّحا لوقوع النّكرة مبتدأ ، ولا شكّ أنّه إذا كان قوله تعالى : (لا فِيها غَوْلٌ) معدولة الموضوع كان تقديم الخبر فيه مصحّحا لوقوع النّكرة مبتدأ لكونها واقعة بعد النّفي ،