بناء على اختصاص عدم الرّيب بالقرآن ، وإنّما قال (١) في سائر كتب الله تعالى لأنّه المعتبر في مقابلة القرآن ، كما أنّ المعتبر في مقابلة خمور الجنّة هي خمور الدّنيا لا مطلق المشروبات وغيرها (٢) [أو التّنبيه] عطف على تخصيصه ، أي تقديم المسند للتّنبيه [من أول الأمر (٣) على أنّه] أي المسند [خبر لا نعت] إذ النّعت لا يتقدّم على المنعوت (٤) ،
______________________________________________________
(١) جواب عن سؤال مقدّر تقديره أنّ مقتضى اختصاص عدم الرّيب في القرآن هو ثبوت الرّيب في غيره على نحو الإطلاق دون كتب الله تعالى ، فلا وجه لقوله : «لئلا يفيد ثبوت الرّيب في سائر كتب الله تعالى».
وحاصل الجواب : إنّ ما ذكرته مبنيّ على كون القصر حقيقيّا وليس الأمر كذلك ، فإنّ القصر على فرض التّقديم إضافيّ لأنّ التّخصيص إنّما باعتبار النّظر الّذي يتوهّم فيه المشاركة ، وهو هنا باقي الكتب السّماويّة دون سائر الأشياء ، بل دون سائر الكتب.
(٢) أي غير المشروبات من المطعومات.
لا يقال : إنّا سلّمنا أنّ القصر إضافيّ غالبا ، فالقصر في الآية يحمل عليه على فرض التّقديم جريا على ما هو الغالب ، ولكنّ لا نسلّم أنّ ما يقابل المقصور عليه هو سائر كتب الله تعالى ، لجواز أن يكون سائر الكتب أو سائر الكلمات.
لأنّا نقول : إنّ ما يقابل المقصور عليه إنّما هو الّذي يتوهّم كونه مشاركا له في الحكم لكونه نظيرا له ، وهو هنا سائر كتب الله تعالى لا سائر الكتب ، أو سائر الكلمات ، فإنّ المتبادر إلى الذّهن من نفي الرّيب عن القرآن بطريق القصر هو ثبوت الرّيب في غيره من سائر الكتب السّماويّة ، لكونها نظيرة له في الكينونة من الله تعالى ، كما أنّ المعتبر في مقابلة خمور الجنّة خمور الدّنيا لا سائر المشروبات.
(٣) أي من أوّل أزمان إيراد الكلام ينبّه على أنّ المسند خبر لا نعت ، بخلاف ما إذا أخّر ، فإنّه ربما تظنّ عندئذ أنّه نعت ، وأنّ الخبر سيذكر.
(٤) أي بخلاف الخبر والمبتدأ ، فإنّ الأوّل يتقدّم على الثّاني ، ولازم ذلك أن يكون تقديم المسند منبّها من أول الأمر بأنّه ليس بنعت بل هو خبر وتأخيره موهما لكونه نعتا.
لا يقال : إنّ توهّم كون المسند نعتا موجود في نحو : زيد القائم ، فلماذا لم يقدّموا المسند فيه؟ للعلم من أوّل الأمر بأنّه ليس بنعت.