[أو التّشويق (١) إلى ذكر المسند إليه] بأن يكون في المسند المتقدّم طول يشوّق
______________________________________________________
تأخيره باعتبار تركيب آخر ، لأجل ما ذكر من التّفاؤل ، بخلاف ما إذا أخّر ، كما في تركيب آخر ، فإنّه لا يكون مشتملا على التّفاؤل ، وكلّ من الوجهين في الجواب قابل للرّد.
أمّا الوجه الأوّل فبعيد جدا ، لأنّ المستفاد من مطاوي كلمات الشّارح أنّه غير ملتزم بما ذهب إليه الكوفيّون فإتيانه بالمثال مبنيّا عليه بعيد غاية البعد.
وأمّا الوجه الثّاني فهو أيضا ملحق بسابقه في الضّعف ، فإنّ من يقول بأنّه لا يقال للمسند قدّم لغرض كذا ، إلّا إذا كان جائز التّأخير ، مراده أنّ المسند الّذي يجب تقديمه على المسند إليه لا يمكن أن يقال له إنّه قدم لغرض كذا ، لأنّ تقديمه واجب ليس لغرض يقتضي ذلك ، وكون المسند جائز التّأخير في تركيب آخر لا يوجب صحّة أن يقال له في هذا التّركيب أنّه قدّم لغرض كذا ، كالتّفاؤل مثلا ، لأنّ المانع هو كون تقديمه في هذا التّركيب من باب اللّابدّيّة والضّرورة ، وهذا المانع لا يرتفع باتّصاف التّقديم بالجواز في تركيب آخر.
فالحقّ في المقام أن يقال : إنّ تعليل التّقديم بغرض من الأغراض مشروط بأن يكون المسند جائز التّأخير باعتبار نفس التّركيب الّذي قدّم فيه المسند ، ولا ريب أنّ جواز التّأخير بهذا المعنى موجود في المقام ، فإنّ الشّاعر عند ما يتصوّر معنى البيت ، أي ثبوت اليمن والسّعادة للأيّام بسبب غرة وجه المخاطب ، كان له أن يقدّم المسند ، وأتى بالجملة الفعليّة وكان له أن يؤخّره ، وأتى بالجملة الاسميّة ، فحيث إنّه اختار الأوّل ، وترك الثّاني لاحظ لتقديم المسند غرضا من الأغراض قضاء لحقّ كونه بليغا ، وهو في البيت التّفاؤل ، فإذا لا مجال للإشكال المذكور. نعم قد يقال : إنّ التّفاؤل كما أنّه موجود في فرض التّقديم ، كذلك إنّه موجود في فرض التّأخير ، فإذا لا وجه لتعليل التّقديم بالتّفاؤل. وأجيب عن ذلك بأن التّفاؤل هو سماع المخاطب من أول وهلة ما يسرّه ، ومن المعلوم أنّ هذا غير موجود في فرض التّأخير.
(١) عطف على قوله : «للتّخصيص» أي تقديم المسند لتشويق السّامع إلى ذكر المسند إليه ، ووجود التّشويق في المسند يكون من جهة اشتماله على طول ، بذكر وصف أو أوصاف له ، فإنّه يوجب إحداث الشّوق في قلب السّامع إلى ذكر صاحب هذا الوصف أو الأوصاف ، والغرض من التّشويق أوقعيّة المشوق إليه في النّفس ، حيث إنّ الحاصل بعد الطّلب والانتظار أمكن وأوقع ، وأثبت في النّفس.