هو (١) إشارة إلى أنّ جميعها (٢) لا يجري في غير البابين ، كالتّعريف ، فإنّه لا يجري في الحال والتّمييز وكالتّقديم ، فإنّه لا يجري في المضاف إليه. وفيه (٣) نظر لأنّ قولنا : جميع ما ذكر في البابين غير مختصّ بهما ، لا يقتضي أن يجري شيء من المذكورات في كلّ واحد من الأمور التّي هي غير المسند إليه والمسند ، فضلا (٤) عن أن يجري
______________________________________________________
(١) أي قول المصنّف : «كثير ممّا ذكر في هذا الباب».
(٢) أي كلّ فرد من الأحوال المذكورة» لا يجري في غير البابين» ، أي في كلّ فرد من أفراد الغير.
(٣) أي في هذا القيل نظر وإشكال ، وحاصل النّظر : إنّا لو قلنا : جميع ما ذكر غير مختصّ بالبابين ، لما اقتضى أن يجري شيء من المذكورات في كلّ واحد من غير البابين ، لأنّه إذا عدم اختصاص الجميع بالبابين يكفي في صدقه ثبوت شيء ممّا ذكر في غير البابين ، وكذا في الكثير إذا قلنا : الكثير غير مختصّ بالبابين ، لا يقتضي أن يكون مجموع الكثير يجري في غير البابين ، بل إذا وجد فرد من الكثير في غير البابين صدق أنّ الكثير لا يختصّ بالبابين.
فالحامل على العدول عن الجميع إلى الكثير ليس ما ذكره الزّوزني ، بل ما ذكره الشّارح وهو ورود الإشكال بضمير الفصل ، وكون المسند فعلا ، حيث إنّهما ممّا يختصّ بالبابين ، فلو قال : جميع ما ذكر غير مختصّ بالبابين لانتقض باختصاصهما بالبابين.
ولا يخفى أنّ ما ذكره الشّارح الزّوزني إنّما يصحّ لو كان معنى قولنا : جميعها غير مختصّ بالبابين ، أنّ كلّ واحد من تلك الأحوال المذكورة في البابين يجري في كلّ ما يصدق عليه أنّه غيرهما ، حتّى ينتقض بالتّعريف والتّقديم ، وليس كذلك ، بل معناه أنّ كلّا منها يجري في بعض ما يصدق عليه الغير ، لأنّه يكفي في سلب الاختصاص بالبابين عن الجميع تحقّق كلّ منها في بعض ما يصدق عليه الغير ، فلا يلزم جريان واحد من تلك الأحوال في كلّ ما يصدق عليه الغير ، فضلا عن جريان كلّ واحد منها في كلّ ما يصدق عليه الغير.
والمتحصّل من الجميع أنّ الحامل على العدول عن جميع إلى كثير ليس ما ذكره الزّوزني ، بل الحامل على العدول ما ذكره الشّارح ، فتأمّل.
(٤) أي فضل فضلا ، أي زاد إشارة إلى أنّ مراد هذا القائل أنّه لو عبّر بقوله :» جميع ما ذكر ...» لأفاد أنّ كلّ واحد ممّا ذكر يجري في كلّ واحد من غيرهما ، وليس الأمر كذلك ، كما عرفت.