[وهو] أي هذا القسم الّذي نزّل منزلة اللّازم (١) [ضربان : لأنّه إمّا أن يجعل الفعل (٢)] حال كونه [مطلقا] أي من غير اعتبار عموم أو خصوص فيه ، ومن غير اعتبار تعلّقه بالمفعول [كناية (٣) عنه] أي عن ذلك الفعل حال كونه [متعلّقا بمفعول مخصوص دلّت عليه قرينة (٤) أولا (٥)]
______________________________________________________
(١) يعني لم يقصد تعلّقه بمفعول في مقابل القسم الأخير الّذي قصد تعلّقه بمفعول معيّن ، كقولنا : فلان يعطي الدّنانير.
(٢) أي الفعل الّذي كان الغرض إثباته لفاعله ، أو نفيه عنه على نحو المطلق.
(٣) مفعول لقوله : «يجعل «أي يجعل الفعل حال كونه مطلقا كناية عن ذلك الفعل ، حال كونه مقيّدا بأن يكون متعلّقا بمفعول مخصوص ، ومستعملا فيه على طريق الكناية ، ثمّ جعل المطلق كناية عن المقيّد مبنيّ على كفاية اللّزوم ، ولو بحسب الادّعاء فيها ، وإلّا فالمقيّد ليس لازما للمطلق ، مع أنّ الكناية عبارة عن الانتقال من الملزوم إلى اللّازم ، أي ذكر الملزوم وإرادة اللّازم عند المصنّف ، وأمّا عند غيره فبالعكس.
ثمّ الاقتصار على الكناية يشعر بنفي صحة التّجوّز ، ولم يقم عليه دليل ، ولا دليل على نفي جعله كناية عن فعل متعلّق بمفعول عامّ ، فتقول : فلان يعطي ، بمعنى يعطي كلّ أحد ، لأنّ الإعطاء إذا صدر عن مثله لا يخصّ أحدا.
(٤) أي لا بدّ للمعنى المكنى من قرينة كالمجاز.
(٥) عطف على أن يجعل يعني : أو لا يجعل الفعل المطلق كناية عنه ، وقد يقال : إنّ جعل الفعل المنزّل منزلة اللّازم كناية عن نفسه متعدّيّا ، وإن كان غير صحيح من جهة توهّم اتّحاد المعنى الحقيقي والكنّائي ، إلّا أنّه لم يكن مستحيلا ، وذلك لاختلاف اعتباري ، فصحّ أن يجعل بأحد الاعتبارين لازما ، وبالآخر ملزوما ، توضيحه إنّ الفعل عند تنزيله منزلة اللّازم يكون مدلوله الماهيّة الكلّيّة ، فبهذا الاعتبار هو ملزوم ، ثمّ يجعل بعد ذلك كناية عن شيء مخصوص فيصبح مدلوله جزئيّا مخصوصا ، وبهذا الاعتبار هو لازم فلا مجال لتوهّم الاتّحاد لكنّه غير صحيح من جهة أمرين آخرين : الأوّل : إنّ الكناية لا بدّ فيهم من اللّزوم ، فإنّها عبارة عن إطلاق الملزوم وإرادة اللّازم ، وليس الفعل المقيّد لازما للفعل المطلق ، فلا مجال للكنّاية في المقام.