في أفراد الفعل تنافى كون الغرض الثّبوت أو النّفي عنه مطلقا ، أي من غير اعتبار عموم ولا خصوص. لأنّا نقول : لا نسلّم ذلك (١) فإنّ عدم كون الشّيء معتبرا في الغرض لا يستلزم عدم
______________________________________________________
نعم المصنّف ذكر في الإيضاح قيد الإطلاق ، وفسّره بما نقله الشّارح ، وحمل كلام السّكّاكي على ذلك ، فحينئذ اتّجه عليه السّؤال المذكور اتّجاها واضحا بيّنا ، لأنّ التّنافي بين التّعميم والإطلاق أظهر من الشّمس ، إذ العموم معتبر في التّعميم ، ومعنى الإطلاق أن لا يعتبر عموم أفراد الفعل أو خصوصها ، ولا تعلّقه لمن وقع عليه فكيف يجتمعان؟
(١) أي المنافاة أو ما ذكر من المنافاة» فإنّ عدم كون الشّيء معتبرا في الغرض والمقصود ، «لا يستلزم عدم كونه مفادا من الكلام» لأنّ عدم اعتبار الشّيء ليس اعتبارا لعدمه ، كالعموم في الفعل ، فإنّ عدمه غير معتبر في الغرض ، فيصحّ أن لا يعتبر الشّيء ، ويوجد مع ذلك بلا قصد.
ولهذا قال الشّارح : فالتّعميم مفاد غير مقصود ، ألا ترى أنّ المضارع مشترك بين الحال والاستقبال ، ويدلّ عليهما كلّما استعمل مع أنّ المقصود منه أحدهما ، فإنّ المعروف عندهم عدم جواز إرادة أكثر من معنى واحد من لفظ واحد ، وأنّ نحو : أنا سعيت في حاجتك ، عند قصد التّخصيص يفيد التقوّي ، ضرورة وجود سببه فيه ، وهو تكرّر الإسناد مع أنّه غير مراد ، فكذلك الفعل إذا كان الغرض منه إثباته لفاعله ، أو نفيه عنه مطلقا ، كان عموم أفراده غير معتبر ، وإن كان ذلك العموم مفادا منه بمعونة المقام الخطابيّ حذرا من التّحكم.
لا يقال : بأنّ ما يستفاد من التّركيب بلا قصد ليس من البلاغة في شيء ، إذ البلغاء لا يعوّلون في الإفادة إلّا على ما يقصدونه.
لأنّا نقول : إنّ الغرض من نفس الفعل الثّبوت أو النّفي مطلقا ، وأمّا التّعميم في أفراد الفعل فمستفاد بمعونة المقام الخطابيّ ، فيكون مقصودا.