وما يقال (١) : إنّ دلالة لم يقم إنسان على النّفي عن الجملة بطريق الالتزام ، ودلالة لم يقم كلّ إنسان عليه بطريق المطابقة فلا يكون تأكيدا ، ففيه (٢) نظر ، إذ لو (٣) اشترط في التّأكيد اتّحاد الدّلالتين لم يكن حينئذ كلّ إنسان لم يقم على تقدير كونه لنفي الحكم عن الجملة تأكيدا ، لأنّ (٤) دلالة إنسان لم يقم على هذا المعنى (٥) التزام ،
______________________________________________________
فرد على التّأكيد الآخر وهو النّفي عن جملة الأفراد ، وإن جعلناها للنّفي عن جملة الأفراد ، وهو سلب العموم لزم ترجيح أحد التّأكيدين وهو النّفي عن جملة الأفراد على التّأكيد الآخر وهو النّفي عن كلّ فرد ، فلا يصحّ قول المستدلّ أنّه يجب أن يحمل على النّفي عن الجملة ، لأنّه لو حمل على النّفي عن كلّ فرد ، لزم ترجيح التّأكيد على التّأسيس ، إذ لا تأسيس أصلا حتّى يلزم ترجيح التّأكيد عليه.
(١) أي ما يقال من طرف صاحب القول السّابق وهو ابن مالك جوابا عن اعتراض المصنّف عليه ، وحاصل اعتراض المصنّف أنّا لا نسلّم أنّه لو حمل كلّ على الثّاني وهو النّفي عن الجملة يكون تأسيسا ، بل هو تأكيد.
وحاصل ذلك الجواب : أنّ لم يقم إنسان مدلوله المطابقي نفي الحكم عن كلّ فرد ، وأمّا النّفي عن الجملة فهو لازم له لأنّ السّلب الكلّي يستلزم رفع الإيجاب الكلّي ، فلو قلنا : مدلوله بعد كلّ النّفي عن الجملة ، كان المراد مدلولا مطابقيّا ، فالنّفي عن الجملة بعد كلّ مدلول مطابقي وقبلهما كان التزاميّا ، وحينئذ فلا يكون حمل لم يقم كلّ إنسان على نفي الجملة تأكيدا لعدم اتّحاد الدّلالتين.
(٢) أي في الجواب بقوله : «وما يقال» نظر وإشكال ، فهذا ردّ للجواب المذكور.
(٣) توجيه النّظر والإشكال أنّه لو اشترط في التّأكيد اتحّاد الدّلالتين لم يكن كلّ إنسان لم يقم عند جعله للنّفي عن جملة الأفراد تأكيدا لقولنا إنسان لم يقم بدون لفظ كلّ ، لأنّ دلالة قولنا : إنسان لم يقم ، على النّفي عن الجملة إنّما هو بالالتزام ، ودلالة كلّ إنسان لم يقم على هذا المعنى إنّما هو بالمطابقة ، فلم تتّحد الدّلالتان ، فلم يكن لفظ كلّ إذا حمل على هذا المعنى تأكيدا مع أنّهم اتّفقوا على أن يكون تأكيدا ، وقد جعله هذا القائل فيما سبق تأكيدا.
(٤) علّة لعدم كون كلّ إنسان لم يقم ، تأكيدا عن إنسان لم يقم.
(٥) أي على النّفي عن الجملة «التزام» ودلالته على نفي الحكم عن كلّ فرد مطابقة فينتفي اتّحاد الدّلالتين.