[وإمّا لدفع توهّم إرادة غير المراد] عطف على إمّا للبيان (١) [ابتداء] متعلّق (٢) بتوهّم.
[كقوله (١) : وكم ذدت (٣)] أي دفعت [عنّي من تحامل حادث (٤)] يقال :
______________________________________________________
(١) أي الحذف إمّا للبيان بعد الإبهام ،» وإمّا لدفع توهّم» السّامع» إرادة» المتكلّم معنى» غير» المعنى» المراد».
(٢) أي قوله : «ابتداء» ظرف متعلّق بتوهّم ، فالمعنى حينئذ إنّ توهّم المخاطب في ابتداء الكلام أنّ المتكلّم أراد غير المراد مندفع بحذف المفعول ، ويجوز تعلّقه بدفع ، أي يحذف المفعول لأجل أن يندفع في أوّل الكلام توهّم إرادة غير المراد ، لكنّ الأوّل هو المناسب لما يأتي في المتن ، ولذا ذكر بعض المحشّين ما هذا لفظه : إنّما لم يجعله متعلّقا بالدّفع ، وجعله متعلّقا بالتّوهّم لدلالة قوله : «إذ لو ذكر اللّحم لربما توهّم قبل ذكر ما بعده» على تعلّقه بالتّوهّم ، ولأنّ التّعلّق بالدّفع يوهم كون الدّفع لا في الابتداء غير حاصل ، كما أنّ التّعلّق بالتّوهّم يدلّ على أنّ التّوهّم في الانتهاء ، أعني بعد ذكر إلى العظم غير متحقّق مع أنّ النّكتة هي الدّفع المطلق ، أعني ابتداء وانتهاء ، على أنّ نفس الدّفع يشعر بالابتدائيّة ، انتهى مورد الحاجة.
الوجه الأوّل متين جدا ، وأمّا الوجه الثّاني فيمكن أن يقال : إنّا لا نسلّم أنّ النّكتة هي الدّفع المطلق ، بل الدّفع في الابتداء ، لأنّ الدّفع في الانتهاء حاصل بغير الحذف ، وذلك لأنّ توهّم غير المراد لا يبقى بعد تمام الكلام ، فلا يصحّ توهّمه بعد الابتداء حتّى يدفع ثانيا.
(٣) بصيغة الخطاب خطاب للممدوح ، وهو ظاهر المتن ، والمعنى حينئذ ظاهر ، وقد يروى بصيغة التّكلّم ، فحينئذ لا يكون مدحا للممدوح ، بل يصف نفسه بالتّثبت على المحن والرّزايا ، ويفتخر بحسن صبره على الوقائع والبلايا.
(٤) المعنى» ذدت» مخاطب من الذّود ، وهو بالذّال المعجمة المفتوحة والواو والدّال المهملة بمعنى الدّفع والطّرد ،» التّحامل» مصدر ، تحامل عليه بمعنى كلّفه ما لا يطيق» الحادث» بمعنى الأمر العظيم ،» السّورة» بالسّين والرّاء بينهما واو ، بمعنى الشّدّة ،» خرزن» بالخاء المعجمة ، وقيل : بالحاء المهملة ماضي من الخزّ أو الحزّ ، بمعنى القطع.
__________________
(١) أي البحتري في مدح أبي الصّقر.