[وقال عبد القاهر (١) إن كانت (٢)] كلمة [كلّ داخلة في حيّز النّفي بأن أخّرت (٣) عن أداته] سواء كانت معمولة لأداة النّفي أو لا (٤) ، وسواء كان الخبر فعلا [نحو :
ما كلّ ما يتمنّى المرء يدركه (٥)] |
|
تجري الرّياح (٦) بما لا تشتهي السّفن |
______________________________________________________
(١) قوله : «وقال عبد القاهر» عطف على «قيل».
(٢) تأنيث «كانت» باعتبار كلمة كلّ ، ثمّ إيراد كلام عبد القاهر إشارة إلى أنّ اعتراضات المصنّف على كلام هذا القائل المذكور إنّما هي لضعف دليله لا لبطلان مدّعاه. وبعبارة أخرى : إنّ ما ذكره الشّيخ عبد القاهر عين ما ذكره صاحب القول المذكور أعني ابن مالك ، فلا فائدة لذكر قول الشّيخ عبد القاهر إلّا أن يكون إشارة إلى صحّة القول المذكور وبطلان دليله فقط.
(٣) أي بأن أخّرت كلمة كلّ عن أداة النّفي لفظا أو رتبة ، وهذا يشمل أقساما أربعة ، أشار إليها بقوله : «سواء كانت» ـ أي كلمة كلّ ـ «معمولة لأداة النّفي أو لا ، وسواء كان الخبر فعلا ...».
(٤) بأن كانت معمولة للابتداء.
(٥) هذا البيت مثال لقسمين من الأقسام الأربعة :
أحدهما : أن تكون كلمة كلّ معمولة واسما للفظة ما ، والفعل أعني «يتمنّى» خبرها على اللّغة الحجازيّة.
وثانيهما : أن تكون كلمة كلّ مرفوعة بالابتداء ، والفعل خبرها كما عند بني تميم ، وبالجملة إنّ كلمة كلّ معمولة لأداة النّفي أعني «ما» في إحدى الصّورتين ، وللابتداء في الصّورة الأخرى ، فلا تكون معمولة لأداة النّفي.
(٦) أي هذا دليل على ما ادّعاه في الشّطر الأوّل ، وذلك لأنّ كون أرباب السّفن يشتهون جريان الرّيح بسفنهم إلى ما هو مقصودهم مع السّلامة ، وربّما تجري الرّيح بسفنهم إلى غير مقصودهم على خلاف اشتهائهم ، فلا يدركون ما يشتهون ، فعلم ممّا سبق أنّ إسناد الشّهوة إلى السّفن مجاز عقليّ ، أو بحذف أهل ، وكان في الأصل أهل السّفن.
ثمّ إنّ قوله : «تجري الرّياح ...» قضيّة مهملة في قوّة الجزئيّة ، فاندفع ما يقال : إنّ هذا من عموم السّلب وهو مخالف لما يفيده قوله : «ما كلّ ما يتمنّى ...» فلا يصحّ أن يكون دليلا له.