[وإمّا (١) لأنّه أريد ذكره] أي ذكر المفعول [ثانيا على وجه يتضمّن إيقاع الفعل على صريح لفظه] لا على الضّمير
______________________________________________________
بيان أنّ ما دفعه الممدوح عنه ، من شدّة الأيّام قد بلغ إلى العظم ، لغاية شدّته بحيث لا يخالج قلب السّامع خلاف ذلك أصلا ، ولو في الابتداء لأنّ ذلك آكد في تحقيق إحسان الممدوح ، حيث دفع ما هو بهذه الصّفة.
لا يقال : إنّ هذا التّوهّم يندفع بذكر المفعول بعد قوله : «إلى العظم» بأن يقال : حززن إلى العظم اللّحم ، فلا ملجأ إلى الحذف.
لأنّا نقول : إنّ الأصل تقديم المفعول إذا كان بلا واسطة على المفعول بالواسطة ، ومن المعلوم أنّ قوله : «إلى العظم» مفعول بالواسطة ، أي بواسطة حرف جر ، و «اللّحم» مفعول بلا واسطة ، فإذا لا وجه لتأخير «اللّحم» عن «إلى العظم» في البيت ، مع إمكان حصول الغرض ، وهو دفع التّوهّم البدوي من دونه لصحّة الحذف.
والمتحصّل من جميع ما ذكر أنّه قد يحذف المفعول لدفع التّوهّم البدوي. ثمّ الشّاهد : في قوله : «حززن إلى العظم» حيث حذف المفعول ، أي اللّحم ، لدفع التّوهّم البدوي.
(١) عطف أيضا على قوله : «إمّا للبيان بعد الإبهام» ، والضّمير في قوله : «لأنّه» للشّأن ، أي يحذف المفعول ، إمّا للبيان بعد الإبهام ، وإمّا لأنّه ـ أي الشّأن ـ أريد ذكره ، أي ذكر المفعول ثانيا على وجه يتضمّن ذلك الوجه إيقاع الفعل ، أي إعمال الفعل على صريح لفظ المفعول ، لا على ضميره سواء كان الفعل المقصود إيقاعه عين الفعل المحذوف مفعوله ، كما في قولك : ضرب زيد ، وضربت عمرا ، أو غيره ، كما في قول البحتري.
والحاصل إنّ المفعول يحذف في الجملة الأولى ليذكر في الجملة الثّانية على وجه يقع الفعل في الجملة الثّانية على صريح لفظه ، إذ لو ذكر المفعول أوّلا في الجملة ، لذكر في الجملة الثّانية بالإضمار ، فيقع الفعل في الجملة الثّانية على الضّمير العائد إلى المذكور أوّلا ، هذا خلاف الغرض ، لأنّ الغرض إيقاعه على صريح لفظه ، فلذا يحذف في الجملة الأولى حتّى يذكر في الجملة الثّانية بلفظه فيحصل المقصود ، كالمثال المذكور حيث لم يقل : ضرب زيد عمرا وضربته.