وهذا التّعميم (١) وإن أمكن أن يستفاد من ذكر المفعول بصيغة العموم لكن يفوت الاختصار حينئذ [وعليه] أي (٢) وعلى حذف المفعول للتّعميم مع الاختصار ورد (٣) قوله تعالى : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ)(١) أي جميع (٥) عباده ، فالمثال (٦) الأوّل يفيد العموم مبالغة ، والثّاني تحقيقا (٧). [وإمّا لمجرّد (٨) الاختصار] من غير أن
______________________________________________________
(١) يبيّن الشّارح وجه ضمّ المصنّف قوله : «مع الاختصار» إلى التّعميم ، فيقول : إنّ التّعميم يمكن أن يستفاد من ذكر المفعول بصيغة العموم نحو كلّ أحد ، أو جميع النّاس أو المخلوقين «لكن يفوت الاختصار حينئذ» ، أي حين ذكر المفعول بصيغة العموم.
(٢) أي التّفسير لتعيين مرجع الضّمير ، وأنّه يرجع إلى حذف المفعول.
(٣) هو من الورود ، بمعنى الإتيان ، لا من الإيراد بمعنى الاعتراض.
(٤) أي السّلامة من الآفات ، كما في بعض الشّروح.
(٥) أي المكلّفين ، وإنّما قدّر المفعول عامّا ، لأنّ الدّعوة من الله إلى دار السّلام والجنّة بسبب التّكليف عامّة لجميع العباد المكلّفين ، إلّا أنّه لم يجب منهم هذه الدّعوة إلّا السّعداء ، بخلاف الهداية بمعنى الدّلالة الوصلة إلى المطلوب ، فإنّها خاصّة ، ولهذا أطلق الدّعوة في هذه الآية ، وقيّد الهداية في قوله بعد ذلك ، (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي قيّدت الهداية بمشيئة الله تعالى.
(٦) أي إذا عرفت ما ذكرنا حول الآية والمثال الّذي قبله ، فنقول في بيان التّفاوت بينهما إنّ المثال الأوّل أعني «قد كان منك ما يؤلم ... يفيد العموم مبالغة» لأنّ إيلام كلّ أحد من شخص واحد محال عادة على وجه الحقيقة.
(٧) أي المثال الثّاني يفيد العموم على وجه الحقيقة ، لما عرفته من أنّ الدّعوة إلى دار السّلام عامّة لجميع العباد ، ثمّ من هذا الفرق ظهر وجه تغيير المصنّف الأسلوب حيث قال : وعليه (وَاللهُ يَدْعُوا) ولم يقل : وقوله تعالى : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ).
(٨) أي إمّا حذف المفعول للاختصار المجرّد عن مصاحبة نكتة أخرى من عموم في المفعول أو خصوص فيه أو غير ذلك ، وقد أشار إليه بقوله : «من غير أن يعتبر معه فائدة أخرى ...» فيكون لبيان أنّ الحذف لمجرّد الاختصار.
__________________
(١) سورة يونس : ٢٥.