أنّك عرفت زيدا وعمرا ، وتقول لتأكيده : زيدا عرفت وحده (١) وكذا (٢) في نحو : زيدا أكرم ، وعمرا لا تكرم ، أمرا ونهيا ، فكان الأحسن (٣) أن يقول لإفادة الاختصاص.
______________________________________________________
(١) أي لا مشاركا مع غيره ، ويسمّى هذا القصر قصر إفراد ، كما يأتي. ثمّ لو كان المخاطب مردّدا بين زيد وعمرو ، على وجه الشّكّ ، وزيدا عرفت ، أي لا عمرو ، كان القصر قصر تعيين ، وكان الأحسن أن يقول المصنّف بدل قوله : «لردّ الخطأ ...» لإفادة الاختصاص ، ليشمل هذه الأنواع الثّلاثة من قصر القلب والإفراد والتّعيين.
(٢) أي وقد يكون تقديم المفعول على الفعل لردّ الخطأ في الإنشاء ، فلا يكون مختصّا بالخبر ، والحاصل : إنّ في هذا الكلام إشارة إلى أنّ ردّ الخطأ في قصري القلب والإفراد ، كما يكون في الإخبار يكون في الإنشاء ، فنحو : زيدا أكرم ، وعمرا لا تكرم ، يقال ذلك ردّا على من اعتقد أنّ النّهي عن الإكرام مختصّ بغير عمرو ، أو الأمر به مختصّ بغير زيد في قصر القلب ، وكذا يقال ذلك ردّا على من اعتقد أنّ النّهي عن الإكرام أو الأمر بالإكرام مستو فيه زيد وعمرو في قصر الإفراد.
(٣) أي ليشمل القصر بأنواعه الثّلاثة : الإفراد والقلب والتّعيين ، كما عرفت ، ويدخل فيه نحو : زيدا أكرم وعمرا لا تكرم ، من الإنشاءات ، فإنّ التّقديم فيها لا يعقل أن يكون لردّ الخطأ ، لأنّ الخطأ في الحكم إنّما يتصوّر إذا كان السّامع عالما به قبل إلقاء الكلام ، وفي الإنشاء إنّما يفهم الحكم من نفس الكلام.
لا يقال : إنّ الخطأ إنّما يكون في الحكم ، ولا حكم في الإنشاء.
لأنّا نقول : إنّ الحكم بمعنى النّسبة الّتي يصحّ السّكوت عليها ثابت في الإنشاء ، ولذا قسّموا الجملة إلى الخبريّة والإنشائيّة ، فالحاصل إنّ اعتبار ردّ الخطأ في الإنشاء لا يخلو عن تكلّف ، وهو أن يقال : إنّ الإنشاءات تتضمّن نسبا خبريّة ، مثلا أكرم زيدا متضمّن لقولنا زيد مطلوب إكرامه ، ولا تكرم عمرا متضمّن لقولنا : عمرو مطلوب ترك إكرامه ، فالخطأ في الاعتقاد متصوّر فيهما باعتبار تلك اللّوازم ، فيقال : زيدا أكرمه لمن اعتقد أنّ المطلوب بالإكرام هو عمرو ، أو اعتقد بأنّ المطلوب به هما معا ، أو كان متردّدا في أنّ المطلوب به هو زيد أو عمرو ، وهذا التّكلّف لازم بناء على ما صنعه المصنّف من التّعبير بردّ الخطأ ، وأمّا بناء على التّعبير بالاختصاص فلا تكلّف أصلا ، لأنّ اختصاص النّسبة بشيء متصوّر في الخبر والإنشاء ، غاية